للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثَّاني: كونُ الزِّنا سببًا.

ولا شَكَّ أنَّ الأسبابَ مُعَرَّفاتٌ؛ إذِ المُمكِناتُ مُسنَدةٌ (١) إلى اللهِ تَعالى ابتداءً عندَ أهلِ الحقِّ، وبينَ المُعَرِّفِ الَّذِي هو السَّببُ، والحُكمِ الَّذِي نِيطَ به ارتباطٌ ظاهرٌ، فالإضافةُ إليه واضحةٌ.

(وَيُرَادُ بِهِ) يَعني أنَّ السَّبَبَ استُعيرَ لمعانٍ:

أحدُها: (مَا يُقَابِلُ المُبَاشَرَةَ، كَحَفْرِ بِئْرٍ مَعَ تَرْدِيَةٍ) فيها، فإذا حَفَرَ شخصٌ بئرًا ودَفَعَ آخَرُ إنسانًا فتَرَدَّى فيها فهَلَكَ، (فَأَوَّلُ) وهو الحافرُ (سَبَبٌ) أي: مُتَسَبِّبٌ إلى هلاكِه (٢) (وَثَانٍ) وهو الدَّافعُ مُباشِرٌ فهو (عِلَّةٌ) فأَطْلَقَ الفقهاءُ السَّبَبَ على ما يُقابِلُ المباشرةَ، [فقالوا: إذا اجتمعَ المُتَسَبِّبُ والمُباشرُ غَلَبَتِ المُباشرةُ ووَجَبَ] (٣) ووَجَبَ الضَّمَانُ على المُباشِر وانقطعَ حُكمُ التَّسَبُّبِ.

(وَ) المعنى الثَّاني: (عِلَّةُ العِلَّةِ، كَرَمْيٍ هُوَ سَبَبٌ لِقَتْلٍ، و) هي (عِلَّةٌ لِلْإِصَابَةِ الَّتي هِيَ عِلَّةُ الزُّهُوقِ) أي: زهوقِ النَّفسِ الَّذِي هو القتلُ، فالرَّميُ هو عِلَّةُ عِلَّةِ القتلِ، وقد سَمَّوْه سببًا له.

(وَ) المعنى الثَّالثُ: (العِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِدُونِ شَرْطِهَا، كَنِصَابٍ بِدُونِ) حَوَلَانِ (حَوْلٍ) سُمِّي سببًا لوجوبِ الزَّكاةِ كما تَقَدَّمَ في تسميةِ السَّببِ عِلَّةً، فاسْتُعِيرَتِ العلَّةُ وسُمِّيَتْ سببًا.

(وَ) المعنى الرَّابعُ: العِلَّةُ الشَّرعيَّةُ (كَامِلَةً) كَالكَسْرِ للانكسارِ، والعِلَّةُ


(١) في (ع): مستندة.
(٢) في (ع): الهلاك.
(٣) ليست في (ع).

<<  <   >  >>