للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا عَلِمْتَ ذلك، فلا يُبحَثُ في العلومِ إلَّا عن الأعراضِ الذَّاتيَّةِ لموضوعاتِها؛ أي: الَّتي مَنْشَؤُها الذَّاتُ، بأنْ لَحِقَتْه لذاتِه.

- والعوارضُ الذَّاتيَّةُ: هي الَّتي تَلْحَقُ الشَّيْءَ لِما هُو هُو؛ أي: لذاتِه، كالتَّعجُّبِ اللَّاحقِ لذاتِ الإنسانِ،

- أو تَلْحَقُ الشَّيْءَ لجُزئِه، كالحركةِ بالإرادةِ اللَّاحقةِ للإنسانِ بواسطةِ أنَّه حيوانٌ،

- أو تَلْحَقُه لأمرٍ خارجٍ عنه مُساوٍ له، كالضَّحِكِ العارضِ للإنسانِ بواسطةِ التَّعجُّبِ.

- وأمَّا العوارضُ الَّتي تَلْحَقُ الشَّيْءَ لأمرٍ خارجٍ أعمَّ مِن المَعروضِ، كالحركةِ اللَّاحقةِ للأبيضِ بواسطةِ أنَّه جسمٌ.

- أو أخصَّ، كالضَّحكِ العارضِ للحيوانِ بواسطةِ أنَّه إنسانٌ.

- أو مُبايِنٍ، كالحرارةِ العارضةِ للماءِ بواسطةِ النَّار؛ تُسَمَّى أعراضًا غَريبةً؛ لِما فيها مِن الغَرابةِ بالقياسِ إلى ذاتِ المعروضِ.

(وَلَا بُدَّ لِمَنْ طَلَبَ) أي: حاوَلَ (عِلْمًا) مِن العلومِ، وطَلَبَ مَعرفتَه أنْ يَعرِفَ ثلاثةَ أمورٍ:

(١) (أَنْ يَتَصَوَّرَهُ بِوَجْهٍ مَا) أي: بوجهٍ مِن الإجمالِ؛ لأنَّ طلبَ الإنسانِ ما لا يَعرِفُه مُحالٌ ببديهةِ العَقلِ، وذلك الوجهُ الَّذِي يَعرِفُه به هو المعنى الَّذِي يُحيطُ بكثرتِه، ثمَّ يَطلُبُه مِن جهةِ تَفصيلِه، فإنْ عَرَفَه مِن جهةِ التَّفصيلِ كانَ طلبُه له مُحالًا؛ لأنَّه تحصيلُ الحاصلِ.

(وَ) الثَّاني: أنْ (يَعْرِفَ: غَايَتَهُ) لِئلَّا يَكُونَ سعيُه عَبَثًا، فيَضِيعَ عُمُرُه فيما لا يَعلَمُ له فائدةً.

<<  <   >  >>