للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (١)، {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} (٢)، وغيرُ ذلك كثيرٌ.

(وَلَيْسَ فِيهِ) أي: القرآنِ لفظٌ (غَيْرُ عَلَمٍ إِلَّا عَرَبِيٌّ) على الصَّحيحِ، اختارَه الأكثرُ.

وذَهَبَ بعضُهم إلى أنَّ فيه ألفاظًا بغيرِ العربيَّةِ.

قالَ أبو عُبَيْدٍ: والصَّوابُ عندي مذهبٌ فيه تصديقُ القولينِ جميعًا؛ وذلك أنَّ هذه أُصولُها أعجميَّةٌ كما قَالَ الفقهاءُ، لكنَّها وَقَعَتْ للعربِ فعُرِّبَتْ بألسَنَتِها وحَوَّلَتْها عن ألفاظِ العَجَمِ إلى ألفاظِها، فصَارَتْ عربيَّةً، ثمَّ نَزَلَ القرآنُ وقد اختَلَطَتْ هذه الحروفُ بكلامِ العربِ، فمن قَالَ: إنَّها عربيَّةٌ فهو صادقٌ.

تنبيهٌ: اتَّفَقَ العلماءُ على أنَّه لَيْسَ في القرآنِ كلامٌ مركبٌ على أساليبِ غيرِ العربيَّةِ، وأنَّ فيه أعلامًا بغيرِ العربيَّةِ، وإنَّما مَحَلُّ الخلافِ في ألفاظٍ مفردةٍ غيرِ أعلامٍ، وهي أسماءُ الأجناسِ: كالياقوتِ، والإبريقِ، والطَّستِ، ونحوِه.

(وَمَجَازٌ رَاجِحٌ) أي: والعملُ به (أَوْلَى) بالعملِ (مِنْ حَقِيقَةٍ مَرْجُوحَةٍ) مماتةٍ لا تُرادُ في العُرْفِ؛ لأنَّ المجازَ إمَّا حقيقةٌ شرعيَّةٌ: كالصَّلاةِ، أو عُرفيَّةٌ: كالدَّابَّةِ، ولا خلافَ في تقديمِها على الحقيقةِ اللُّغويَّةِ،

مثالُه: لو حَلَفَ لا يَأْكُلُ مِن هذه النَّخلةِ، فأَكَلَ مِن ثَمَرِها: حَنِثَ، وإنْ أكلَ مِن خَشَبِها: لم يَحنَثُ، وكذا عندَ الأكثرِ إنْ كانَ المجازُ راجحًا والحقيقةُ تُتَعاهَدُ في بعضِ الأوقاتِ، كما لو حَلَفَ ليَشْرَبَنَّ مِن هذا النَّهرِ، فهو حقيقةٌ


(١) البقرة: ١٩٧.
(٢) الإسراء: ٢٤.

<<  <   >  >>