للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم أَتباعُه على دينِه (١) على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نَصَّ عليه أحمدُ رَحِمَه اللهُ تَعالى، وجَوَّزَ الأكثرُ إضافتَه للضَّميرِ (٢).

(وَ) الصَّلاةُ والسَّلامُ على (صَحْبِهِ) (٣) اسمُ جمعٍ لصاحبٍ، بمَعنى الصَّحابيِّ: وهو مَنِ اجتمعَ بالنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أو رآه بعدَ البعثةِ مُؤمِنًا به وماتَ مُؤمِنًا (٤)، وعَطْفُه على الآلِ مِن عَطْفِ الخاصِّ على العامِّ، وجَمَعَ بينَهما رَدًّا على الشِّيعةِ حَيْثُ يُوالونَ الآلَ دونَ الصَّحبِ (٥).

فائدةٌ: تَجوزُ الصَّلاةُ على غيرِ الأنبياءِ صَلَوَاتُ اللهِ عليهم أجمعينَ مُنْفَرِدًا مِن غيرِ ذِكْرِ الرَّسولِ مَعَه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، نَصَّ عليه في روايةِ أبي داودَ وغيرِه (٦).


(١) قال المَرْدَاوِيُّ في «الإنصافُ» (٢/ ٧٩): آلُه: أَتباعُه على دينِه صَلَوَاتُ اللهِ وسلامُه عليه، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ، اختارَه القاضي وغيرُه من الأصحابِ، قالَه المجدُ، وقدَّمه في «المغني»، والشَّرحِ، وشرحِ المجدِ، ومجمعِ البحرينِ، وابنُ تميمٍ، وابنُ رزينٍ في شرحِه، والرِّعايةِ الكبرى، والمُطْلِعِ، وابنُ عبيدانِ، وابنُ مُنَجًّى في شَرحَيْهما.
وقيلَ: آلُه: أزواجُه وعشيرتُه ممَّن آمَنَ به، قَيَّدَه به ابنُ تميمٍ.
وقيلَ: بنو هاشمٍ المؤمنونَ، وأَطْلَقَهُنَّ في الفروعِ. وقيل: آلُه: بنو هاشمٍ، وبنو المُطَّلِبِ، ذَكَرَه في «المُطْلِعِ». وقيلَ: أهلُه.
وقالَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ: آلُه: أهلُ بيتِه، وقال: هو نصُّ أحمدَ، واختيارُ الشَّريفِ أبي جعفرٍ وغيرِهم.
(٢) قال البُهُوتِيُّ في «كشَّافُ القِناعِ» (١/ ١٦): والصَّوابُ جوازُ إضافتِه للضَّميرِ، خلافًا للكسائيِّ والنَّحَّاسِ والزَّبيديِّ؛ فمَنَعُوها لتَوَغُّلِه في الإبهامِ.
(٣) من هنا بداية سقط في النسخة (د).
(٤) يُنظَرُ: «نزهة النَّظِر» لابنِ حَجَرٍ (ص ١٤٠).
(٥) والأمرُ عندَ الشِّيعةِ هداهم اللهُ أعظمُ مِن ذلك، مِن تكفيرٍ للصَّحابةِ وسبِّهم ولَعنِهم، عياذًا باللهِ تَعالى، وقد حَدَّثَني أحدُ الأفاضل رجلٌ ثقةٌ مِن أهلِ السُّنَّةِ أنَّه رأى وسَمِعَ هذا في زيارتِه لإيرانَ مِن قريبٍ.
(٦) يُنظَرُ: «الإنصاف» للمَرْدَاوِيِّ (٢/ ٨٠).
وقالَ ابنُ كثيرٍ في «تفسيرِه» (٦/ ٤٧٧): وأمَّا الصَّلاةُ على غيرِ الأنبياءِ، فإنْ كانَتْ على سبيلِ التَّبَعِيَّةِ كما تَقَدَّمَ في الحديثِ: «اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ»، فهذا جائزٌ بالإجماعِ، وإنَّما وَقَعَ النِّزاعُ فيما إذا أُفْرِدَ غيرُ الأنبياءِ بالصَّلاةِ عليهم: فقالَ قائلونَ: يَجوزُ ذلك، واحتجُّوا بقولِه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣]، وبقولِه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧]، وبقولِه تَعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: ١٠٣]، وبحديثِ عبدِ اللهِ بنِ أبي أَوْفَى قال: كانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قومٌ بصَدَقتِهم قال: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ». وبحديثِ جابرٍ: أنَّ امرأتَه قالَتْ: يا رسولَ اللهِ! صَلِّ عليَّ وعلى زوجي. فقَالَ: «صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ». رواه أبو داودَ.
وقالَ الجمهورُ مِن العلماءِ: لا يَجوزُ إفرادُ غيرِ الأنبياءِ بالصَّلاةِ؛ لأنَّ هذا قد صارَ شعارًا للأنبياءِ إذا ذُكِرُوا، فلا يُلْحَقُ بهم غيرُهم، فلا يُقالُ: «قالَ أبو بكرٍ صَلَّى اللهُ عليه». أو: «قالَ عليٌّ صلَّى اللهُ عليه». وإنْ كانَ المعنى صحيحًا، كما لا يُقالُ: «قالَ مُحَمَّدٌ -عز وجل-»، وإنْ كانَ عزيزًا جليلًا؛ لأنَّ هذا مِن شعارِ ذِكْرِ اللهِ -عز وجل-. وحَمَلُوا ما وَرَدَ في ذلك مِن الكتابِ والسُّنَّةِ على الدُّعاءِ لهم؛ ولهذا لم يَثْبُتْ شعارًا لآلِ أبي أَوْفَى، ولا لجابرٍ وامرأتِه. وهذا مَسلَكٌ حَسَنٌ.

<<  <   >  >>