للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تُمْحَى بالحَسَنَاتِ الَّتي هي أعظمُ، وبالمصائبِ المُكَفِّرَةِ، وغيرِ ذلك (١).

(وَيُرَدُّ كَاذِبٌ) أي: تُرَدُّ روايتُه بالكذبِ، ولو في غيرِ حديثِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى (وَلَوْ تَدَيَّنَ) أي: تَحَرَّزَ عنِ الكَذِبِ (فِي الحَدِيثِ) عندَ أكثرِ العلماءِ؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ عليه أنْ يَكْذِبَ فيه، ولا تقدحُ الكَذْبَةُ الواحدةُ على الصَّحيحِ؛ للمَشَقَّةِ، وعدمِ دليلِه.

(وَتَقْدَحُ كَذْبَةٌ) واحدةٌ (فِيهِ) أي: في الحديثِ، فلا تُقبَلُ روايتُه حَتَّى (وَلَوْ تَابَ) منها نصًّا.

قالَ القاضي: لأنَّه زنديقٌ، فتُخَرَّجُ توبتُه على توبتِه، وفارقَ الشَّهادةَ؛ لأنَّه قد يَكْذِبُ فيها لرِشوةٍ، أو يَتَقَرَّبُ إلى أربابِ الدُّنيا (٢).

وقالَ ابنُ عَقِيلٍ: هذا فرقٌ بعيدٌ؛ لأنَّ الرَّغبةَ إليهم بأخبارِ الرَّجاءِ أو الوعيدِ غايتُه الفِسقُ (٣).

وظاهرُ كلامِ جماعةٍ مِن أصحابِنا أنَّ توبتَه تُقبَلُ، وقالَ كثيرٌ مِن العلماءِ: لكنْ في غيرِ ما كَذَبَ فيه، كتوبتِه فيما أَقَرَّ بتزويرِه.

(وَالكَبِيرَةُ) ضابطُها معروفٌ عندَ الأكثرينَ، قال الإمامُ أحمدُ: الكبيرةُ: (مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، أَوْ وَعِيدٌ (٤) فِي الآخِرَةِ) لوعدِ اللهِ مُجْتَنِبَها بتكفيرِ الصَّغائرِ.

(وَزِيدَ) أي: وزادَ الشَّيخُ وأتباعُه، (أَوْ) ما فيه (لَعْنَةٌ، أَوْ غَضَبٌ، أَوْ نَفْيُ إِيمَانٍ) قال: ولا يَجُوزُ أن يَقَعَ نفيُ الإيمانِ لأمرٍ مُستَحَبٍّ، بل لكمالٍ واجبٍ.


(١) «منهاج السنة النبوية» (٤/ ٣١٠).
(٢) «العُدة في أصول الفقه» (٣/ ٩٢٩).
(٣) ينظر: «أصول الفقه» (٢/ ٥٣٩)، و «شرح الكوكب المنير» (٢/ ٣٩٦).
(٤) في «مختصر التحرير» (ص ١١٧): وعيد خاص.

<<  <   >  >>