للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنْ كانَ قولُه ذلك (بَعْدَ تَسْلِيمِ مُنَاسَبَتِهِ) أي: مناسبةِ الوصفِ الَّذِي ذَكَرَه المُستدلُّ (لَمْ يُقْبَلْ) قولُه للمُناقضةِ، (وَ) إنْ كانَ (قَبْلَهُ) أي: قَبْلَ تسليمِ ما ذَكَرَه المُستدِلُّ فـ (سَبْرُ المُسْتَدِلِّ أَرْجَحُ) لأنَّه موافقٌ لتعديةِ الحُكمِ، والعِلَّةُ المُتعدِّيةُ أَرجَحُ من القاصرةِ.

(وَلَيْسَ لَهُ) أي: للمُستدِلِّ (بَيَانُ المُنَاسَبَةِ) بينَ الحُكمِ والوصفِ الباقي؛ لأنَّه انتقالٌ مِن السَّبْرِ إلى طريقٍ آخَرَ وهو المُناسبةُ.

(وَالسَّبْرُ الظَّنِّيُّ: حُجَّةٌ مُطْلَقًا) وقِيلَ: لا يُقبَلُ سبْرٌ في ظِنِّيٍّ.

(وَ) أمَّا (لَوْ أَفْسَدَ حَنْبَلِيٌّ عِلَّةَ شَافِعِيٍّ) في الرِّبَا (لَمْ يَدُلَّ) إفسادُه لها (عَلَى صِحَّةِ عِلَّتِهِ) أي: عِلَّةِ الحنبليِّ، كتعليلِ بعضِ الفقهاءِ بغيرِ عِلَّتَيِ الحنبليِّ والشَّافعيِّ، وليسَ إجماعُهما دليلًا على مَن خالَفَهما (لَكِنَّهُ) أي: لكنَّ إفسادَ الحنبليِّ عِلَّةَ الشَّافعيِّ (طَرِيقٌ لِإِبْطَالِ مَذْهَبِ خَصْمِهِ) الشَّافعيِّ (وَإِلْزَامٌ) مِن الحنبليِّ (لَهُ) أي: لخصمِه الشَّافعيِّ (صِحَّةَ عِلَّتِهِ) أي: عِلَّةِ الحنبليِّ، وهذا الَّذِي قَدَّمَه ابنُ مُفلِحٍ (١) وغيرُه.

(وَلِكُلِّ حُكْمٍ: عِلَّةٌ) عندَ الفقهاءِ (تَفْصِيلًا) وعندَ المُعتزلةِ وجوبًا.

قالَ القاضي (٢): التَّعليلُ الأصلُ تُرِكَ نادرًا؛ لأنَّ تَعَقُّلَ العِلَّةِ أقربُ إلى القبولِ مِن التَّعبُّدِ، ولأنَّه المألوفُ عُرفًا، والأصلُ موافقةُ الشَّرعِ له، فيُحمَلُ ما نحن فيه على الغالبِ.

وقالَ الآمِدِيُّ (٣): لا بُدَّ للحُكمِ مِن عِلَّةٍ؛ للإجماعِ على أنَّ أحكامَ الله


(١) «أصول الفقه» (٣/ ١٢٧٢).
(٢) ينظر: «أصول الفقه» (٣/ ١٢٧٥).
(٣) «الإحكام في أصول الأحكام» (٣/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>