للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الكَرْعِ مِنه بفِيه، ولو اغترفَ بكوزٍ وشَرِبَ منه: فهو مجازٌ؛ لأنَّه شَرِبَ مِن الكوزِ لا مِن النَّهرِ، لكنَّه مجازٌ راجحٌ مُتبادِرٌ إلى الفَهمِ، والحقيقةُ قد تُرادُ؛ لأنَّ كثيرًا مِن الرِّعاءِ وغيرِهم يَكْرَعُ بفِيهِ، وأمَّا إنْ كانَ المجازُ مَرجوحًا لا يُفهَمُ إلَّا بقرينةٍ، كالأسدِ للشُّجاعِ: فتُقَدَّمُ الحقيقةُ، وكذا إنْ غَلَبَ استعمالُه حَتَّى ساوى الحقيقةَ على الصَّحيحِ.

(وَلَوْ لَمْ يَنْتَظِمْ) أي: لو لم يَصِحَّ (كَلَامٌ إِلَّا بِارْتِكَابِ مَجَازِ زِيَادَةٍ، أَوْ) بارتكابِ مجازِ (نَقْصٍ؛ فَنَقْصٌ أَوْلَى) مِنِ ارتكابِ مجازِ الزِّيادةِ؛ لأنَّ الحذفَ في كلامِ العربِ أكثرُ مِن الزِّيادةِ، ويَتَفَرَّعُ على ذلك إذا قَالَ لزوجتَيْه: إن حِضْتُما حيضةً فأنتما طالقتانِ؛ إذْ لا شَكَّ في استحالةِ اشتِراكِهما في حيضةٍ، [وتصحيحُ الكلامِ:

إمَّا بدَعوى الزِّيادةِ، وهو قولُه: «حيضةً»، يَعني إنْ حِضْتُما فأنتما] (١) طالقتانِ، فإذا طَعَنَتا في الحيضِ طَلَقَتا، وهذا هو المشهورُ في المذهبِ،

وإمَّا بدَعوى الإضمارِ، وتَقديرُه: إنْ حاضَتْ كلُّ واحدةٍ مِنكما حيضةً، فأنتُما طالقتانِ، ونظيرُه قولُه تَعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٢) أي: اجلِدُوا كلَّ واحدٍ منهم ثمانينَ جلدةً، وهو موافقٌ للقاعدةِ.


(١) ليس في (ع).
(٢) النُّور: ٤.

<<  <   >  >>