للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَخَبَرُ الوَاحِدِ وَإِنْ (١) خَالَفَ عَمَلَ أَكْثَرِ الأُمَّةِ) مُقَدَّمٌ، يَعني يُعمَلُ بالخبَرِ وإنْ كانَ (٢) عَمَلُ أكثرِ الأُمَّةِ بخلافِ الخبَرِ، وحُكِيَ إجماعًا؛ لأنَّ الخبَرَ أقوى في غَلَبَةِ الظَّنِّ؛ لأنَّه يَجتَهِدُ فيه في العدالةِ والدَّلالةِ، (أَوِ القِياسَ) أي: وخبَرُ الواحدِ وإنْ خالَفَ القياسَ (مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) فهو (مُقَدَّمٌ) على القياسِ، واسْتُدِلَّ له بقولِ عَمر: لولا هذا لقَضَيْنا فيه برأيِنا. ورُجوعِه إلى توريثِ المرأةِ مِن دِيَةِ زَوجِها، وعملِ جماعةٍ مِن الصَّحابةِ.

قالَ الإمامُ أحمدُ: أَكثَرُهم يَنهى الرَّجُلَ عنِ الوضوءِ بفضلِ طَهورِ المرأةِ، والقُرعةِ في عتقِ جماعةٍ في مرضِ موتِه، وغيرِ ذلك، وشاعَ ولم يُنْكَرْ (٣). انتهى.

ولأنَّ الخطأَ إلى القياسِ أقربُ مِن الخطأِ إلى الخبَرِ؛ لأنَّ الخبَرَ مُستنِدٌ إلى المعصومِ، ويَصِيرُ ضَروريًّا بضمِّ أخبارٍ إليه ولا يَفتَقِرُ إلى قياسٍ ولا إجماعٍ في لبنِ المُصَرَّاةِ وهو أصلٌ بنَفْسِه، أو مُسْتَثْنًى للمصلحةِ وقطعِ النِّزاعِ لاختلاطِه.

والقياسُ يُجتَهَدُ فيه في ثُبُوتِ حُكْمِ الأصلِ، وكونِه مُعَلَّلًا، وصلاحيةِ الوصفِ للتَّعليلِ، ووجودِه في الفرعِ، ونَفْيِ المعارِضِ في الأصلِ والفرعِ.

(وَيُعْمَلُ بـ) الحديثِ (الضَّعِيفِ فِي): ما ليسَ فيه تحليلٌ ولا تحريمٌ كـ (ـالفَضَائِلِ) عندَ الأكثرِ.

قال الإمامُ أحمدُ: إذا رَوَيْنا عنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الحلالِ والحرامِ شَدَّدْنا في الأسانيدِ، وإذا رَوَيْنا عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في فضائلِ الأعمالِ وما لا يُضَيِّعُ حُكْمًا ولا يَرْفَعُه، تَسَاهَلْنا في الأسانيدِ (٤).


(١) في (ع): ولو.
(٢) ليست في (د).
(٣) ينظر: «أصول الفقه» (٢/ ٦٣٠)، و «التحبير شرح التحرير» (٥/ ٢١٣٠).
(٤) رواه الخطيب في «الكفاية» (ص ١٣٤).

<<  <   >  >>