للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أَجمَعُوا أنَّ المرادَ أحدُهما، فكانَ ما صارَ إليه الرَّاوي يَعني التَّفرُّقَ بالأبدانِ أَوْلى، ولولا أنَّ الإجماعَ مُنعقِدٌ على أن المُرادَ (١) أَحَدُهما؛ لصَحَّ حَمْلُه عليهما معًا، فيُجعَلُ لهما الخيارُ في الحالينِ بالخبَرِ.

(أَوْ قَالَهُ) أي: وكما لو قال الصَّحابيُّ أحدَ مَعْنيَيِ (٢) الحديثِ (تَفْسِيرًا) لِلفْظِه، فتَفسيرُه أَوْلَى بلا خلافٍ.

تنبيهٌ: مَحَلُّ وجوبِ العملِ بحَملِ الصَّحابيِّ أو تفسيرِه لأحدِ المَحمَلَينِ فيما إذا اسْتَوَيا أو حَمَلَه على الرَّاجحِ، أمَّا إذا حَمَلَه الصَّحابيُّ بتفسيرِه أو عَمَلِه على المرجوحِ، كما إذا حَمَلَ ما ظاهرُه الوجوبُ على النَّدبِ، أو بالعكسِ، أو ما هو حقيقةٌ عَلَى المجازِ، ونحوِ ذلك؛ فـ (لَا) يُقبَلُ حَمْلُه، أو تفسيرٌ (عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ، وَعُمِلَ بِالظَّاهِرِ) في الأصحِّ، حَتَّى (وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً) في غيرِ هذه الصُّورةِ، ولهذا قال الشَّافعيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كيف أَترُكُ الخبَرَ لأقوالِ أقوامٍ لو عاصَرْتُهم لحَجَجْتُهم (٣)؟!

(وَ) إنْ كانَ الخبَرُ نصًّا لا يَحتمِلُ تأويلًا، وخالَفَه الصَّحابيُّ؛ فالأصحُّ (لَا يُرَدُّ خَبَرُهُ بِمُخَالَفَةِ مَا) أي: بسببِ مُخالَفَتِه نصًّا (لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا وَلَا يُنْسَخُ) النَّصُّ لاحتمالِ نِسيانِه، ثمَّ لو عُرِفَ ناسخُه لذَكَرَه ورَوَاه ولو مَرَّةً؛ لِئلَّا يَكُونَ كاتمًا للعِلمِ، كروايةِ أبي هُرَيْرَةَ في غسلِ الولوغِ سبعًا، وقولِه: يُغسَلُ ثلاثًا، كما تَقَدَّمَ.


(١) في (د): إرادة.
(٢) في (ع): معنيين.
(٣) ينظر: «تشنيف المسامع» (٢/ ٩٨٤)، و «الفوائد السَّنية» (٢/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>