للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) إذا تَقَرَّرَ ذلك فـ (دَلَالَتُهُ عَلَى أَصْلِ المَعْنَى) دَلَالةٌ (قَطْعِيَّةٌ) وهو مَحَلُّ وفاقٍ، ومعنى القطعِ فيه دَلالةُ النُّصوصيَّةِ؛ أي: هو نصٌّ، فالقطعُ فيه مِن هذه الحَيثيَّةِ، فيَكُونُ كدَلالةِ الخاصِّ.

(وَ) دَلالةُ العُمومِ (عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ بِلَا قَرِينَةٍ) دَلالةٌ (ظَنِّيَّةٌ) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّ التَّخصيصَ بالمُتَراخي لا يَكُونُ نسخًا، ولو كانَ العامُّ نصًّا على أفرادِه لكانَ نسخًا، وذلك أنَّ صِيَغَ العُمومِ تَرِدُ تارةً باقيةً على عمومِها وتارةً يُرادُ بها بعضُ الأفرادِ، وتارةً يَقَعُ فيها التَّخصيصُ، ومعَ الاحتمالِ لا قطعَ، بل لمَّا كانَ الأصلُ بقاءَ العُمومِ فيها كانَ هو الظَّاهرَ المُعتمدَ للظَّنِّ، ويَخرُجُ بذلك عن الإجمالِ.

تنبيهٌ: قولُه: «بلا قرينةٍ» (١) تَقتضي كلَّ فردٍ فردٍ كالعُموماتِ الَّتي يُقطَعُ بعمومِها، ولا يَدخُلُها تخصيصٌ، كقولِه تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (٢)، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (٣)، وإنِ اقترنَ به ما يَدُلُّ على أنَّ المَحلَّ غيرُ قابلٍ للتَّعميمِ، فهو كالمُجمَلِ يَجِبُ التَّوقُّفُ فيه إلى ظهورِ المُرادِ منه، كقولِه تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} (٤).

(وَعُمُومُ الأَشْخَاصِ يَسْتَلْزِمُ: عُمُومَ الأَحْوَالِ، وَالأَزْمِنَةِ، وَالبِقَاعِ، وَالمُتَعَلِّقَاتِ) عندَ الأكثرِ، قال الإمامُ أحمدُ في قولِه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (٥) ظاهرُها على العُمومِ أنَّ مَن وَقَعَ عليه اسمُ ولدِه فله ما فَرَضَ اللهُ تعالى، وكانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هو المُعبِّرَ عنِ الكتابِ، أنَّ الآيةَ إِنَّمَا قُصِدَتْ للمسلمِ لا للكافرِ.


(١) زاد في (د): أي: قرينةٍ.
(٢) النَّجم: ٣١.
(٣) هود: ٦.
(٤) الحشر: ٢٠.
(٥) النِّساء: ١١.

<<  <   >  >>