الوضعِ، لا مِن خطابِ التَّكْلِيفِ، فلا مَدخَلَ لهذه المسألةِ فيما تَقَدَّمَ حَتَّى يَخرُجَ، بل هم أَوْلَى مِن الصَّبيِّ والمجنونِ في الضَّمانِ بالإتلافِ والجنايةِ، ولا بدَّ مِن وجودِ الشُّروطِ في مُعاملاتِهم وانتفاءِ الموانعِ، والحُكْمِ بصِحَّتِها وفسادِها، وتَرَتُّبِ آثارِ كلٍّ عليه مِن: بيعٍ، ونكاحٍ، وطلاقٍ، وغيرِها.
(وَيُكَلَّفُ) سَكرانُ (مَعَ سُكْرٍ لَمْ يُعْذَرْ بِهِ) بأنِ اسْتَعْمَلَ ما يُسْكِرُه مُختارًا عالمًا بأنَّه يُسكِرُ، إنْ مَيَّزَ قَطعًا، وكذا مَن لم يُمَيِّزْ عندَ أحمدَ وأكثرِ أصحابِه، نَصَّ عليه في راويةِ حنبلٍ: لَيْسَ السَّكرانُ بمَنزلةِ المجنونِ المرفوعِ عنه القلمُ، هذا جنايتُه مِن نفسِه.
وحَدُّ السَّكرانِ الَّذِي وَقَعَ فيه الخلافُ: هو الَّذِي يَخلِطُ في كلامِه، وقراءتِه، وسَقَطَ تَمْيِيزُه بينَ الأعيانِ، ولا يُشتَرطُ فيه أنْ يَكُونَ بحَيثُ لا يُمَيِّزُ بينَ السَّماءِ والأرضِ، وبينَ الذَّكرِ والأُنثى، وأَوْمَأَ إليه أحمدُ في روايةِ حنبلٍ، قال: هو إذا وُضِعَ ثيابُه في ثيابِ غيرِه فلم يَعرِفْها، أو وُضِعَ نَعلُه في نِعالِهم فلم يَعرِفْه، وإذا هَذَى أكثرَ في كلامِه، وكانَ معروفًا بغيرِ ذلك.
(وَ) يُكَلَّفُ العاقلُ مَعَ (إِكْرَاهٍ) بحقٍّ، كإكراهِ الحربيِّ والمُرتدِّ على الإسلامِ، فإنَّه يَصِحُ مِنهما وهما مُكَلَّفانِ بذلك، وإكراهِ الحاكمِ المديونَ بالوفاءِ مع القدرةِ.