للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَيَلْزَمُ) التَّقليدُ عندَ الأكثرِ (غَيْرَ مُجْتَهِدٍ (١) فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أي: غيرَ معرفةِ اللهِ تَعَالَى والتَّوحيدِ والرِّسالةِ وأركانِ الإسلامِ ونحوِها ممَّا تَواتَرَ واشتهرَ.

وقالَ الطُّوفِيُّ: يَجُوزُ التَّقليدُ في الفروعِ إجماعًا (٢).

استدلَّ له بقولِه تَعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٣)، وهو عامٌّ (٤) لتَكَرُّرِه بتَكَرُّرِ الشَّرطِ، وعلةُ الأمرِ بالسُّؤالِ الجهلُ، وأيضًا أجمعَ الصَّحابةُ ومَن بَعدَهم ولم يُنكِرُوا على عامِّيٍّ اتَّبَعَ مُفتيًا فيما أَفْتَاه، سواءٌ ذَكَرَ له الدَّليلَ أو لم يَذكُرْه.

(وَلَهُ) أي: لغيرِ المُجتهدِ وهو العامِّيُّ (اسْتِفْتَاءُ مَنْ) أي: مجتهدٍ (عَرَفَهُ عَالِمًا عَدْلًا) بأنْ عَلِمَ أو ظَنَّ أَهلِيَّتَه للاجتهادِ بطريقٍ ما أي بإخبارِ عدلٍ عنه بذلك، أو باشتهارِه بينَ النَّاسِ بالفُتيا وانتصابِه لها وانقيادِ النَّاسِ للأخذِ عنه ونحوِ ذلك، (وَلَوْ) كانَ ذلك المجتهدُ (عَبْدًا، وَأُنْثَى، وَأَخْرَسَ) وعَرَفْنا فُتياه (بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ وَكِتَابَةٍ)؛ لأنَّه إذا عَرَفْنا أنَّه عالمٌ عَدلٌ كفى في جوازِ استفتائِه؛ لأنَّ المقصودَ مِن الاستفتاءِ سؤالُ العالمِ العدلِ، وهو كذلك.

(أَوْ) أي: وللعامِّيِّ (٥) استفتاءُ مَن (رَآهُ مُنْتَصِبًا) للإفتاءِ والتَّدريسِ (مُعَظَّمًا) عندَ النَّاسِ، فإنَّ ذلك يَدُلُّ على عِلمِه، وأنَّه أهلٌ للاستفتاءِ، وأمَّا مَن عَلِمَ أو ظَنَّ جَهلَه، فلا يَجُوزُ أنْ يَستفتِيَه؛ لأنَّه تَضييعٌ لأحكامِ الشَّريعةِ، فهو كالعالمِ يُفتي بغيرِ دليلٍ.


(١) في «ع»: المجتهد.
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٦٥٢).
(٣) النحل: ٤٣، والأنبياء: ٧.
(٤) في «ع»: علم.
(٥) في «ع»: للعامي.

<<  <   >  >>