للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُتَعَذِّرٌ؛ إذِ الظَّنُّ يَتَزَايَدُ بتزايُدِ المُخبِرِينَ تَزايُدًا خَفِيًّا تدريجًا، كتزايُدِ النَّباتِ، وعقلِ الصَّبِيِّ، ونموِّ بدنِه، وضوءِ الصُّبْحِ، وحَرَكَةِ الفَيْءِ، فلا يُدرَكُ.

قالَ ابنُ مُفْلِحٍ: وضابطُه: ما حَصَلَ العِلْمُ عندَه للقَطعِ به مِن غيرِ عِلمٍ بعددٍ خاصٍّ، والعادةُ تَقطَعُ بأنَّه لا سبيلَ إلى وِجدانِه لحصولِه بتزايُدِ الظُّنُونِ على تَدريجِ خَفِيٍّ، كحصولِ (١) كمالِ العقلِ به ولا دليلَ للحصرِ (٢).

(وَ) العددُ الَّذِي يَحصُلُ العِلمُ بصِدقِ الخبَرِ عندَه (يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ القَرَائِنِ) أي: قرائنِ التَّعريفِ، مثلُ: الهيئاتِ المُقارِنةِ للخبَرِ المُوجِبَةِ لتعريفِ مُتَعَلَّقِه، ولاختلافِ أحوالِ المُخبِرينَ في اطِّلاعِهم على قرائنِ التَّعريفِ، ولاختلافِ إدراكِ المُسْتَمِعِينَ لتفاوُتِ الأذهانِ والقرائحِ، ولاختلافِ الوقائعِ على عِظَمِها وحقارَتِها.

(وَيَتَفاوَتُ المَعْلُومُ) على الأصحِّ عندَ أحمدَ والمُحقِّقينَ، فإنَّا نَجِدُ بالضَّرورةِ الفرقَ بينَ كونِ الواحدِ نِصفَ الاثنينِ، وبينَ ما عَلِمْناه مِن جهةِ التَّواتُرِ مع كونِ اليقينِ حاصلًا فيهما، وكيف يُنفَى التَّفاوُتُ مع قولِه -عليه السلام-: «ليسَ المُخْبَرُ كَالمُعَايِنِ» (٣).

(وَيَمْتَنِعُ:

اسْتِدْلَالٌ بِهِ) أي: بالتَّواتُرِ (عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِهِ عِلْمٌ) أي: لو حَصَلَ التَّواتُرُ عندَ جماعةٍ، ولم يَحصُلْ عندَ آخرينَ، امْتَنَعَ الاستدلالُ به عندَ مَن


(١) في (د): بحصول.
(٢) «أصول الفقه» (٢/ ٤٨٢ - ٤٨٣).
(٣) رواه أحمدُ (١٨٦٧)، وابنُ حبَّانَ (٦٢١٣)، والحاكمُ (٢/ ٣٥١) وصحَّحَه، مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «ليس الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ».

<<  <   >  >>