للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاقتِرانُ (بَعِيدًا) يَعني لاستُبعِدَ مِن لفظِ الشَّارِعِ مِثْلُه؛ لتَنَزُّهِ كلامِه عمَّا لا فائدةَ فيه، كقولِه -عليه السلام-: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» (١)، (فَـ) ـدَلالةُ هذا دَلالةُ (تَنْبِيهٍ، وَيُسَمَّى) التَّنبيهُ: (إِيمَاءً)، وسيَأتي في الثَّاني مِن مسالكِ العِلَّةِ بأقسامٍ مُفَصَّلَةٍ.

فائدةٌ: جَعَلَ دَلالةَ الاقتضاءِ والإشارةِ مِن أقسامِ المنطوقِ، وكذلك دَلالةَ التَّنبيهِ والإيماءِ، وهي طريقةُ ابنِ الحاجبِ (٢) وابنِ مُفْلِحٍ (٣) وجماعةٍ، وجَعَلَها الغَزَّالِيُّ (٤) أقسامًا للمفهومِ، وانتصرَ الأصفهانِيُّ (٥) لابنِ الحاجبِ.

قالَ البِرْمَاوِيُّ: وهو الظَّاهرُ؛ لأنَّ للَّفظِ دَلالةً عليها مِن حيثُ هو منطوقٌ، بخلافِ المفهومِ، فإِنَّه إِنَّمَا يَدُلُّ من حيثُ هو قضيَّةٌ عقليَّةٌ خارجةٌ عنِ اللَّفظِ (٦).

قالَ في «شرح الأصل»: قال بعضُ شيوخِنا: ويُمكِنُ أنْ يُجعَلَ ذلك واسطةً بينَ المنطوقِ والمفهومِ، ولهذا اعتَرفَ بها مَن يُنكِرُ المفهومَ (٧).

(وَالنَّصُّ): هو (الصَّرِيحُ) من اللَّفظِ لا يُعدَلُ عنه إلَّا بنسخٍ، زادَ القاضي: وإنِ احتملَ غيرَه (٨)، (وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلِ) النَّصُّ (تَأْوِيلًا؛ فَـ) هو (مَقْطُوعٌ بِهِ) أي: بدَلالتِه.


(١) رواه أبو داود (١٨١)، والترمذي (٨٢)، والنسائي (٤٤٧)، وابن ماجه (٤٧٩)، وابن حبان (١١١٦) من حديث بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ -رضي الله عنها-.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(٢) «منتهى الوصول» (ص ١٤٧).
(٣) «أصول الفقه» (٣/ ٦٠٨).
(٤) «المستصفى» (٢/ ١٨٨).
(٥) «بيان المختصر» لأبي الثناء الأصفهاني (٢/ ٤٣٣).
(٦) «الفوائد السنية في شرح الألفية» (٣/ ١٩).
(٧) «التحبير شرح التحرير» (٦/ ٢٨٧٢).
(٨) «العُدة في أصول الفقه» (١/ ١٣٨).

<<  <   >  >>