للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولُه: (بِالفِعْلِ) أي: بالاستدلالِ (أَوْ) بـ (القُوَّةِ القَرِيبَةِ) مِن الفِعلِ بالتَّهيُّؤِ لمعرفتِها عن أدلَّتِها التَّفصيليَّةِ بالاستدلالِ.

(وَالفَقِيهُ: مَنْ عَرَفَ جُمْلَةً غَالِبَةً) أي: كثيرًا (مِنْهَا) أي: الأحكامِ الشَّرعيَّةِ الفَرعيَّةِ (كَذَلِكَ) أي: بالفِعلِ والقوَّةِ القَريبةِ مِن الفِعلِ، فلا يَكُونُ فقيهًا حَتَّى يَعرِفَها على هذه الصِّفةِ، وإلَّا كانَ مُقَلِّدًا.

ولا يُطلَقُ الفقيهُ على مُحَدِّثٍ، وَلَا مُفَسِّرٍ، وَلَا مُتكلِّمٍ، ونحوِهم.

ولَمَّا تَقَدَّمَ الكلامُ على تعريفِ أُصولِ الفقهِ مِن حَيْثُ معناه الإضافِيُّ شَرَعَ في تعريفِه مِن حَيْثُ كونُه عِلْمًا، فقَالَ:

(وَأُصُولُ الفِقْهِ عَلَمًا) أي: مِن حَيْثُ كونُها صارَتْ لَقَبًا على هذا العِلْمِ: (القَوَاعِدُ) جَمْعُ قاعدةٍ، وهي الأمرُ الكُلِّيُّ الَّتي تَنطَبِقُ عليه جُزئيَّاتٌ كثيرةٌ تُفهَمُ أحكامُها منها:

- فمنها ما لا يَختَصُّ ببابٍ، كقولِنا: اليقينُ لا يُرفَعُ بالشَّكِّ.

- ومنها ما يختص، كقولِنا: كفَّارَةٌ سَبَبُها معصيةٌ فهي على الفورِ، والغالبُ فيما يَختَصُّ ببابٍ، وقُصِدَ به نَظْمُ صورٍ مُتشابهةٍ يُسَمَّى ضابطًا.

- ومنها القواعدُ الأُصُوليَّةُ، وهي المقصودةُ هنا، كقَولِنا: الأمرُ للوجوبِ، و: دليلُ الخطابِ حُجَّةٌ، و: قياسُ الشَّبَهِ دليلٌ صحيحٌ، و: الحديثُ المُرسَلُ يُحتَجُّ به، ونحوِ ذلك مِن مسائلِ أصولِ الفقهِ.

إذا عَلِمْتَ ذلك: فالقاعدةُ هنا: عبارةٌ عن صورٍ كُلِّيَّةٍ تَنطبِقُ كلُّ واحدةٍ منها على جُزئيَّاتِها الَّتي تَحتَها، ولذلك لم يُحتَجْ إلى تقييدِها بالكُلِّيَّةِ؛ لأنَّها لا تَكُونُ إلَّا كذلك، وذلك كقولِنا مثلًا: «حقوقُ العقدِ تَتَعَلَّقُ بالموكِّلِ دونَ

<<  <   >  >>