للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريفٍ (١): أَسْنَدْتُ الحديثَ رَفَعْتُه إلى المُحَدِّثِ، فيَحتملُ أنَّه اسمُ مصدرٍ مِن أَسْنَدَ يُسْنِدُ، أُطلِقَ على المُسْنَدِ إليه، وأن يَكُونَ مَوضوعًا لِما يُسنَدُ إليه.

والمُسنِدُ بكسْرِ النُّونِ: مَن يَروي الحديثَ بإسنادِه، سواءٌ كانَ عندَه عِلْمٌ به، أو ليسَ له إلَّا مُجَرَّدُ روايتِه.

(٢) (وَ) يَشتَرِكُ الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ في (مَتْنٍ، وَ) المتنُ: (هُوَ المُخْبَرُ بِهِ) ومادَّةُ المتنِ في الأصلِ راجعةٌ إلى مَعنى الصَّلابةِ، ويُقالُ لِما صَلُبَ مِن الأرضِ: متنٌ، والجمعُ مِتَانٌ، ويُسَمَّى أسفلُ الظَّهْر مِن الإنسانِ والبهيمةِ مَتنًا، والجمعُ: مُتُونٌ، فالمَتنُ ما تَضَمَّنَه الثَّلاثةُ المذكورةُ مِن أمرٍ ونهيٍ، وعامٍّ وخاصٍّ، ونحوِها.

(وَالخَبَرُ) يُحَدُّ عندَ أصحابِنا والأكثرِ، ولهم فيه حدودٌ كثيرةٌ، قلَّ أنْ يَسلَمَ منها حدٌّ مِن خدشٍ.

قالَ في «شَرحِه»: وأَسْلَمُها قَولُهم: (مَا) يَعني أنَّه في اللُّغةِ كلامٌ (يَدْخُلُهُ صِدْقٌ وَكَذِبٌ) (٢). ونُقِضَ بمِثلِ: مُحَمَّدٌ، ومُسَيْلِمَةُ صادقانِ، وبقولِ مَن يَكذِبُ دائمًا: «كُلُّ أخباري كَذِبٌ»، فخبَرُ هذا لا يَدخُلُه صدقٌ، وإلَّا كُذِّبَتْ أخبارُه وهو منها، ولا كَذِبَ، وإلَّا كُذِّبَتْ أخبارُه مع هذا، وصَدَقَ في قولِه: «كُلُّ أَخباري كَذِبٌ» فيَتنَاقَضُ، ويَلْزَمُ الدَّوْرُ؛ لتَوَقُّفِ مَعرفتِهما على معرفةِ الخبَرِ؛ لأنَّ الصِّدقَ: الخبَرُ المطابِقُ، والكذبَ: ضِدُّه. وبأنَّهما مُتقابِلانِ، فلا يَجتمعانِ في خبَرٍ واحدٍ، فيَلْزَمُ امتناعُ الخبَرِ، أو وُجودُه مع عدمِ صِدقِ الحدِّ، وبخبَرِ الباري.


(١) ينظر: «الفوائد السنية» للبِرماوي (٢/ ٦)، و «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٦٩٤).
(٢) «شرح الكوكب المنير» (٢/ ٢٨٩).

<<  <   >  >>