للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فريضتُه الَّتي افْتَرَضَهَا، والجمعُ عزائمُ، وعزائمُ السُّجودِ: ما أُمِرَ بالسُّجودِ فيها (١). انتهى.

وأولو العَزمِ مِن الرُّسُلِ: الَّذين عَزَموا على أمْرِ اللهِ فيما عَهِدَ إليهم، وهم: نوحٌ، وإبراهيمُ، وموسى، وعيسى، ومحمَّدٌ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعينَ. والعِزمُ: الجِدُّ والثَّباتُ والصَّبْرُ.

(وَ) العزيمةُ (شَرْعًا: حُكْمٌ ثَابِتٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) لا بدليلٍ عقليٍّ، فإنَّ ذلك لا يُستعمَلُ فيه العَزيمةُ والرُّخصةُ، (خَالٍ) ذلك الدَّليلُ (عَنْ مُعَارِضٍ (٢)، فَشَمِلَ) الأحكامَ (الخَمْسَةَ) فالعَزيمةُ على هذا القولِ واقعةٌ في جميعِ الأحكامِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنها حُكْمٌ ثابتٌ بدليلٍ شرعيٍّ، فيَكُونُ في الحرامِ والمكروهِ على مَعنى التَّركِ، فيَعودُ المَعنى في تركِ الحرامِ إلى الوجوبِ.

تنبيهٌ: قولُه: «خالٍ عن مُعارض»: احتِرازٌ ممَّا (٣) ثَبَتَ بدليلٍ، لكنْ لذلك الدَّليلِ معارضٌ مُساوٍ أو راجحٌ؛ لأنَّه إذا كانَ المُعارِضُ مُساويًا: لَزِمَ الوقفُ وانتفَتِ العَزيمةُ، ووَجَبَ طلبُ المُرَجِّحِ الخارجيِّ، وإنْ كانَ راجحًا: لَزِمَ العملُ بمُقتضاه وانتَفَتِ العَزيمةُ، وثَبَتَتِ الرُّخصةُ، كتحريمِ المَيتةِ عندَ عدمِ المَخْمَصَةِ، فالتَّحريمُ فيها عزيمةٌ؛ لأنَّه حُكْمٌ ثابتٌ بدليلٍ شرعيٍّ خالٍ عن معارِضٍ، فإذا وُجِدَتِ المخمصةُ حَصَلَ المُعارضُ لدليلِ التَّحريمِ، وهو راجحٌ عليه حِفظًا للنَّفْسِ، فجازَ الأكلُ، وحَصَلَتِ الرُّخصةُ.

(وَ) الفائدةُ الثَّالثةُ: (الرُّخْصَةُ) وهي (لُغَةً: السُّهُولَةُ) والتَّيسيرُ؛ أي:


(١) «المصباحُ المنيرُ في غريبِ الشَّرحِ الكبيرِ» (٢/ ٤٠٨).
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٨٣): معارض راجح.
(٣) في (د): احترازًا عما.

<<  <   >  >>