للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافُ التَّشديدِ، ومنه رَخُصَ السِّعْرُ إذا سَهُلَ، والرَّخْصُ: النَّاعمُ، وهو راجعٌ إلى مَعنى اليُسْرِ والسُّهولةِ.

قال في «القاموس» (١): الرُّخْصُ بالضَّمِّ: ضِدُّ الغَلاءِ، وقد رَخُصَ، ككَرُمَ، وبالفَتحِ: الشَّيْءُ النَّاعمُ، والرُّخْصَةُ، بضمَّةٍ وبضمَّتينِ: تَرْخيصُ اللهِ للعَبْدِ فيما يُخَفِّفُهُ عليه، والتَّرخِيصُ بالتَّسْهيلِ.

(وَ) الرُّخْصَةُ (شَرْعًا: مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ) وأمَّا ما ثَبَتَ على وَفْقِ الدَّليلِ الشَّرعيِّ فإنَّه لا يَكُونُ رخصةً بل عزيمةً، كالصَّومِ في الحَضَرِ.

وقولُه: (لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ) احتِرازًا (٢) مِمَّا كانَ لمُعارِضٍ غيرِ راجحٍ، بل: إمَّا مساوٍ؛ فيَلْزَمُ الوقفُ على حصولِ المُرَجِّحِ، أو: قاصرٌ عن مساواةِ الدَّليلِ الشَّرعيِّ؛ فلا يُؤَثِّرُ وتَبقى العَزيمةُ بحالِها.

وقيلَ: الرُّخصةُ: هي استباحةُ المَحظورِ مع قيامِ السَّببِ الحاضرِ، وهو قريبٌ مِن الأوَّلِ، غيرَ أنَّ الاستباحةَ قد يكُونُ مُستنَدُها الشَّرعَ، فيَلْزَمُ أن تكُونَ لمُعارضةِ دليلٍ راجحٍ، كأكلِ الميتةِ في المَخمَصَةِ فإنَّه استباحةٌ للمَيْتَةِ المُحَرَّمَةِ شرعًا مع قيامِ السَّببِ المُحَرِّمِ، وهو قوله تَعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (٣) لدليلٍ راجحٍ على هذا السَّببِ، وهو قولُه تَعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤) فإنَّ هذا خاصٌّ، وسببُ التَّحريمِ عامٌّ، والخاصُّ مُقَدَّمٌ، هذا مع النُّصوصِ والإجماعِ الخاصِّ على حِفظِ النُّفوسِ واستبقائِها، وقد لا تكُونُ الاستباحةُ مُستنِدَةً إلى الشَّرعِ، فتَكُونُ معصيةً محضةً لا رُخصةً.


(١) «القاموسُ المحيطُ» (ص ٩٠٤).
(٢) في (د): احتراز.
(٣) المائدة: ٣.
(٤) المائدة: ٣.

<<  <   >  >>