للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(الرِّوَايَةُ): هي (إِخْبَارٌ) لا إنشاءٌ (عَنْ) أمْرٍ (عَامٍّ) لا خاصٍّ: مِن قولٍ، أو فعلٍ (لَا يَخْتَصُّ) واحدٌ مِنهما (بِـ) شخصٍ (مُعَيَّنٍ، وَلَا تَرَافُعَ فِيهِ) أي: في هذه الأخبارِ (مُمْكِنٌ عِنْدَ الحُكَّامِ.

وعَكْسُهُ) أي: عكسُ ما ذُكِرَ: (الشَّهَادَةُ) وقد خاضَ جماعةٌ غَمرَه، وأكثرُ ما يُفَرِّقُون بينَ الرِّوايةِ والشَّهادةِ باختلافِهما في الأحكامِ، كاشتِراطِ العَددِ في الشَّهادةِ، والحُرِّيَّةِ على قولٍ، والذُّكوريَّةِ في صورٍ، ولا يَخْفَى أنَّ هذه أحكامٌ مُتَرَتِّبَةٌ على معرفةِ الحقيقةِ، فلو عُرِّفَتِ (١) الحقيقةُ بها لَزِمَ الدَّوْرُ.

قالَ القَرَافِيُّ (٢): أَقَمْتُ مُدَّةً أَتَطَلَّبُ الفرقَ بينَهما حَتَّى ظَفِرْتُ في «شَرحِ البُرهانِ» للمَازِرِيِّ، فذَكَرَ ما حاصلُه: أنَّ الخبَرَ إنْ كانَ عن عامٍّ لا يَختَصُّ بمُعيَّنٍ ولا تَرافُعَ فيه مُمكِنٌ عندَ الحُكَّامِ فهو الرِّوايةُ، وإنْ كان خاصًّا وفيه تَرافُعٌ مُمكِنٌ فهو الشَّهادةُ.

وعُلِمَ مِن هذا الفرقِ المعنى فيما اختَصَّتْ به الشَّهادةُ مِن العددِ، والذُّكوريَّةِ، والحُرِّيَّةِ ونَحوِها، واحتُرِزَ: «بإمكانِ التَّرافُعِ» عنِ «الرِّوايةِ عن خاصٍّ مُعَيَّنٍ»، فإنَّه لا تَرافُعَ فيه مُمكِنٌ. انتهى مُلَخَّصًا، قالَه في «شرحِ الأصلِ» (٣).

وفَصَّلَ بعضُهم المَعنى فيما اعتُبِرَ في الشَّهادةِ، أمَّا العددُ فإنَّها لَمَّا تَعَلَّقَتْ بمَعنًى تَطَرَّقَتْ إليها التُّهمةُ باحتمالِ العداوةِ؛ فاحْتِيطَ بإبعادِ التُّهمةِ بالعددِ


(١) في «التحبير شرح التحرير»: ثبتت. وفي «الفوائد السَّنية» (٢/ ١٠٦): عرفت. كما في (د)، (ع).
(٢) «الفروق» (١/ ٥).
(٣) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٩٦١).

<<  <   >  >>