للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُقالُ أخبارُ آحادٍ، فيَلْزَمُ الدَّورُ؛ لأنَّها مُتواترةٌ كما سَبَقَ في أخبارِ الإجماعِ.

ولا يُقالُ: يُحتَمَلُ أنَّ عملهم بغيرِها؛ لأنَّه محالٌ عادةً، ولم يُنْقَلْ، بل المنقولُ خلافُه، كما سَبَقَ، والسِّياقُ يَدُلُّ عليه.

ولا يُقالُ: أَنْكَرَ عمرُ خبَرَ أبي موسى في الاستئذانِ حَتَّى رَوَاه أبو سعيدٍ، مُتَّفَقٌ عليه (١)؛ وكانَ عمرُ يَفعَلُ ذلك سياسةً، ولهذا قال لأبي موسى: «لَمْ أَتَّهِمْكَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ، أَوْ لِلرِّيبَةِ» (٢).

تنبيهٌ: إِنَّمَا يُعمَلُ بخبَرِ الآحادِ حَيْثُ لا طريقَ إلى العِلْمِ، فأمَّا إذا كانَ للعِلْمِ طريقٌ: فاختُلِفَ في ذلك.

قالَ ابنُ مُفْلِحٍ: وذَكَرَ بعضُ أصحابِنا عن أبي الخَطَّابِ (٣): إنْ أَمْكَنَه سؤالُه -صلى الله عليه وسلم-: فكاجتهادِه، واختيارُه (٤): لا يَجُوزُ، وأنَّ بقيَّةَ أصحابِنا القاضي (٥) وابنِ عَقِيلٍ (٦): يَجُوزُ إنْ أَمْكَنَه سؤالُه، أو الرُّجُوعُ إلى التَّواتُرِ مُحْتَجِّينَ به في المسألةِ (٧).


(١) رواه البخاريُّ (٦٢٤٥)، ومسلمٌ (٢١٥٣).
(٢) هو في روايةِ مالكٍ (٢٧٦٨)، وأبي داودَ (٥١٨٣) بنحوِه.
(٣) «التمهيد في أصول الفقه» (٣/ ١٨٨).
(٤) أي: اختيارِ أبي الخَطَّابِ.
(٥) «العُدة في أصول الفقه» (٣/ ٩٨٦).
(٦) ينظر: «المسودة في أصول الفقه» (ص ٢٣٩).
(٧) «أصول الفقه» (٢/ ٥١٥).

<<  <   >  >>