للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَهُ) أي: للمُفتي (قَبُولُ هَدِيَّةٍ) عندَ أكثرِ أصحابِنا، والمرادُ لا ليُفْتِيَه بما يُريدُ وإلَّا حَرُمَتْ، وقِيلَ: لا يَقبَلُ الهديَّةَ إلَّا أنْ يُكافِئَ، قالَ الإمامُ أحمدُ: الدُّنيا داءٌ، والسُّلطانُ دواءٌ، والعالِمُ طبيبٌ، فإذا رَأَيْتَ الطَّبيبَ يَجُرُّ الدَّاءَ إلى نَفْسِه فاحذَرْه. وفيه التَّحذيرُ فيمَن يَرغَبُ في مالٍ وشرفٍ بلا حاجةٍ.

(وَ) قالَ أحمدُ: (لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى تَكُونَ لَهُ:

(١) نِيَّةٌ)، فإنْ لم تَكُنْ له نِيَّةٌ لم يَكُنْ على علمِه نورٌ ولا على كلامِه نورٌ،

(٢) (وَكِفَايَةٌ) لئلَّا يَنسُبَه النَّاسُ إلى التَّكسُّبِ بالعلمِ وأخذِ العِوَضِ عليه فيَسقُطَ قولُه،

(٣) (وَوَقَارٌ وَسَكِينَةٌ) ليَرغَبَ المستفتي، وهم وَرَثَةُ الأنبياءِ، فيَجِبُ أنْ يَتَخَلَّقوا بأخلاقِهم،

(٤) (وَقُوَّةٌ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ، وَمَعْرِفَةٌ بِهِ) أي: بما هو فيه،

(٥) (وَ) مَعْرِفَتُه (بالنَّاسِ).

قالَ ابنُ عَقِيلٍ: هذه الخصالُ مُستحبَّةٌ فيَقصِدُ الإرشادَ وإظهارَ أحكامِ اللهِ تَعَالَى لا رياءً وسمعةً (١)، والتَّنويهَ (٢) باسمِه. ومعرفةُ النَّاسِ يَحتملُ حالَ الرُّواةِ ويَحتملُ حالَ المُستفتينَ فالفاجرُ لا يَستحقُّ الرُّخصَ، فلا يُفتيه بالخَلوةِ بالمحارمِ معَ علمِه بأنَّه يَسْكَرُ، ولا يُرَخِّصُ السَّفرَ لجندِ وَقتِنا؛ لئلَّا يَضَعَ الفُتيا (٣) في غيرِ مَحَلِّها لمعرفتِنا لسفرِهم.

قالَ ابنُ مفلحٍ: والخصلةُ الأُولى واجبةٌ (٤).


(١) في «د»: ولا سمعة.
(٢) في «د»: ولا التنويه.
(٣) في «ع»: الأشياءَ.
(٤) «أصول الفقه» (٤/ ١٥٤٨).

<<  <   >  >>