الصَّحيحِ، فيَتَفَرَّعُ عليه لو حَكَمَ غيرُه بغيرِ ما أَفْتى لم يَكُنْ نقضًا لحكمِه، ولا هي كالحُكمِ، ولهذا يَجُوزُ أن يُفْتِيَ للحاضرِ والغائبِ، ومَن يَجُوزُ حُكمُه له ومَن لا يَجُوزُ، (و) على هذا تَصِحُّ الفتوى مِن المفتي (عَلَى عَدُوِّ) ـه.
(وَهِيَ) أي: الفتيا ممنوعةٌ (فِي حَالَةٍ) لا يَحكُمُ فيها كـ (غَضَبٍ) أو في شِدَّةِ مرضٍ أو فرحٍ أو خوفٍ (١) غالبٍ (وَنَحْوِهِ) فتَحرُمُ وتَنفُذُ (كَقَضَاءٍ) عَلَى الصَّحيحِ، ومرادُهم بالغضبِ الغضبُ الكثيرُ، وكذا غيرُه.
(وَلِمُفْتٍ: أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ المَالِ) وظاهرُه سواءٌ كانَ له كفايةٌ مِن مالِه أو لا، وسواءٌ تَعَيَّنَ لها أو لا؛ لأنَّ له فيه حقًّا على الفُتيا فجازَ له أخذُ حقِّه، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الأَخْذُ مِن بيتِ المالِ (أَخَذَ أُجْرَةَ خَطِّهِ) ولو كَانَ له كفايةٌ.
(وَلِمُتَعَيِّنٍ لَهَا) أي: للفُتيا لعدمِ غيرِه له حالتانِ:
إحداهما: أنْ يَكُونَ له كفايةٌ، فلَيْسَ له الأخذُ مِن مُستفتٍ على الصَّحيحِ إذا لم يَكُنْ له شيءٌ في بيتِ المالِ.
والحالةُ الثَّانيةُ: أنْ يَكُونَ (لَا كِفَايَةَ لَهُ) لا مِن مالِه ولا مِن بيتِ المالِ، فهذا يَجُوزُ له (أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ مُسْتَفْتٍ) على الصَّحيحِ؛ لأنَّه إن لم يَأخُذْ أَفْضى إلى ضررٍ يَلْحَقُه في عائلتِه إن كانوا أو حَرَجٍ وهو منتفٍ شرعًا، وإن لم يُفتِ حَصَلَ أيضًا للمُستفتي ضررٌ، فتَعَيَّنَ الجوازُ.
(وَإِنْ جَعَلَ لَهُ) أي: للمُفتي (أَهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ: جَازَ) في الأصحِّ، وظاهرُه ولو كَانَ له كفايةٌ، وما يَقُومُ به، وهذا مُشكِلٌ، لكنْ يُفهَمُ مِن قولِه:«ليَتفرَّغَ لهم» أنَّه كان مَشغولًا بالعيالِ وهو الظَّاهرُ.