للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واضحٌ، أو مُطلقٌ في مَوْضِعٍ ومُقَيَّدٌ في آخَرَ، فقَصْرُ المُقيَّدِ على قيدِه يَطرُقُه الخلافُ الَّذِي في المفاهيمِ.

وأمَّا تقييدُ المُطلَقِ بقيدِ المُقيَّدِ فهو المرادُ هنا، لكنْ قال بعضُ العلماءِ: بشرطِ أنْ يَكُونَ المُقيَّدُ مَعمولًا به، نحوُ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (١) الآيةَ، والمرضُ والسَّفرُ شرطٌ في إباحةِ التَّيمُّمِ، فأمَّا إذا لم يَكُنْ معمولًا به؛ فلا يُحمَلُ عليه المُطلَقُ قطعًا، كقولِه تَعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (٢) فلَيْسَ الخوفُ شرطًا في القصرِ، وإهمالُ الأُصُولِيِّينَ هذا بالشَّرطِ إِنَّمَا هو لوضوحِه.

إذا عُلِمَ ذلك، فللمُطلَقِ والمُقيَّدِ أحوالٌ:

الحالةُ الأُولى: (إِنْ وَرَدَا وَاخْتَلَفَ حُكْمُهُمَا: فَلَا حَمْلَ) اتِّفاقًا؛ لأنَّ القياسَ شرطُه اتِّحادُ الحُكمِ (مُطْلَقًا) أي: سواءٌ اتَّفَقَ السَّببُ أو اختلفَ،

مثالُ الأوَّلِ: التَّتابُعُ في صيامِ كفَّارةِ اليمينِ في قراءةِ ابنِ مسعودٍ، وإطلاقُ الإطعامِ فيها.

ومثالُ الثَّاني: الأمرُ بالتَّتابُعِ في كفَّارةِ اليمينِ وإطلاقُ الإطعامِ في كفَّارةِ الظِّهارِ، ولهذا عن أحمدَ روايةٌ: لا يَحرُمُ وطءُ مَن ظاهَرَ منها قبلَ تكفيرِه بالإطعامِ، والصَّحيحُ: يَحرُمُ، وقاسوه على العتقِ والصَّومِ.

(٢) (وَإِلَّا) بأنْ لم يَختلِفْ حُكْمُ المُطلَقِ والمُقيَّدِ، فتارةً يَتَّحِدُ سببُهما، وتارةً لا يَتَّحِدُ، (فَإِنِ اتَّحَدَ سَبَبُهُمَا) فتارةً يَكونانِ مُثبتَينِ، وتارةً يَكُونانِ نَهيَينِ، وتارةً يَكونُ أحدُهما أمرًا والآخَرُ نهيًا، فإن لم يَختلِفِ الحُكْمُ واتَّحَدَ


(١) النساء: ٤٣، والمائدة: ٦.
(٢) النساء: ١٠١.

<<  <   >  >>