فإذا قُلْنا:«أعتقْ رقبةً»، فهذه الرَّقبةُ شائعةٌ في جِنسِها شيوعَ الحيوانِ المطلَقِ بحَرَكَتِه (١) الاختياريَّةِ بينَ جنسِه.
وإذا قُلْنا:«أعتقْ رقبةً مؤمنةً»، كانَتْ هذه الصِّفَةُ لها كالقَيدِ المميِّزِ للحيوانِ المقيَّدِ مِن بينِ أفرادِ جِنسِه، ومانعةً لها من الشُّيُوعِ كالقيدِ المانعِ للحيوانِ مِن الشُّيُوعِ بالحركةِ في جِنسِه، وهما أمرانِ نِسبيَّانِ باعتبارِ الطَّرفينِ، فمُطلقٌ لا مُطلَقَ بعدَه؛ كمعلومٍ، ومُقيَّدٌ لا مُقَيَّدَ بعدَه؛ كزيدٍ، وبينَهما وسائطُ تَكُونُ مِن المقيَّدِ باعتبارِ ما قَبْلُ، ومن المطلقِ باعتبارِ ما بعدُ؛ كجسمٍ، وحيوانٍ، وإنسانٍ.
(وَهُمَا) أي: المُطلَقُ والمُقَيَّدُ (كَعَامٍّ وَخَاصٍّ) فما ذُكِرَ مِن تخصيصِ العمومِ: مِن مُتَّفَقٍ عليه، ومُختلَفٍ فيه، ومختارٍ جارٍ في تقييدِ المطلقِ؛ فيَجُوزُ تقييدُ الكتابِ بالكتابِ وبالسُّنَّةِ، والسُّنَّةِ بالسُّنَّةِ وبالكتابِ، وتقييدُهما بالقياسِ والمفهومينِ ونحوِهما، على الأصحِّ في الجميعِ.
(لَكِنْ) لا يُقالُ: كانَ يَنبغي إذا كانَ المُطلقُ والمقيَّدُ كالعامِّ والخاصِّ ألَّا يُفرَدَا بالذِّكْرِ؛ لأنَّا نَقولُ: تَحصُلُ المخالفةُ بينَهما مِن وجوهٍ، وهي أنَّ لنا هنا مَن يَرى ويَقولُ:«يُحمَلُ المُطلَقُ على المُقيَّدِ»، ولا قائلَ هنا بحملِ الخاصِّ على العامِّ، وأيضًا فالحملُ هناك للعامِّ على غيرِ المُخرَجِ بالتَّخصيصِ، وهنا بالعكسِ، فالحملُ هنا للمُطلقِ على نفسِ المقيَّدِ، وأيضًا فمِن أقسامِ وُرودِ المُطلقِ والمُقيَّدِ ما قد يَكُونُ فيه تخصيصٌ، وما يَكُونُ حملًا لا تخصيصًا، وأيضًا فالحملُ هنا بطريقِ القياسِ على رأيٍ، وغيرُ ذلك مِن الأحكامِ الآتي بيانُها، فاحتيجَ إلى الإفرادِ بالذِّكرِ.
إذا عَلِمْتَ ذلك، فنَقولُ: إذا وَرَدَ مُطلقٌ فقطْ أو مُقَيَّدٌ فقطْ، فحُكمُه