للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيهٌ: الإطلاقُ والتَّقييدُ يَكُونانِ: تارةً في الأمرِ، كـ: «أعتقْ رقبةً»، و «أعتقْ رقبةً مُؤمنةً»، وتارةً في الخبَرِ، كـ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ (١)» (٢)، و «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِىٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ (٣)» (٤).

(وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ) أي: الإطلاقُ والتَّقييدُ (فِي لَفْظٍ) واحدٍ اعتبارًا (بِالجِهَتَيْنِ) بأنْ يَكُونَ اللَّفظُ مُقَيَّدًا من وجهٍ مُطلقًا من آخَرَ، كـ «رقبةٍ مؤمنةٍ»، قُيِّدَتِ الرَّقبةُ مِن حيثُ الدِّينُ، فتَتَعَيَّنُ المؤمنةُ للكفَّارةِ، وأُطلِقَتْ مِن حيثُ ما سواه مِن الأوصافِ، كالصِّحَّةِ وضِدِّها، فالآيةُ مُطلقةٌ في كلِّ رقبةٍ مؤمنةٍ وفي كلِّ كفَّارةٍ مُجْزِيَةٍ، ومُقَيَّدَةٌ بالنِّسبةِ إلى مُطلَقِ الرِّقابِ ومُطلَقِ الكفَّاراتِ، وذلك إِنَّمَا يَكُونُ باعتباريٍّ لا حقيقيٍّ؛ لأنَّ الإطلاقَ والتَّقييدَ مِن عوارضِ الألفاظِ، باعتبارِ مَعانِيها اصطلاحًا، وإنْ أُطلِقَ على المعاني عُرفًا، فلا مُشاحَّةَ في الاصطلاحِ.

قالَ الطُّوفِيُّ (٥): هما في الألفاظِ مُستعارَانِ منهما في الأشخاصِ، يُقالُ: رجلٌ أو حيوانٌ مُطلَقٌ إذا خلا عن قيدٍ أو عِقالٍ، ومُقَيَّدٌ إنْ كانَ في رِجلِه قيدٌ أو عِقالٌ أو شِكالٌ ونحوُه مِن موانعِ الحيوانِ مِن الحركةِ الطَّبيعيَّةِ (٦) الاختياريَّةِ.


(١) في «ع»: وشاهدي عدل.
(٢) رواه أبو داود (٢٠٨٥)، والترمذي (١١٢٦)، وابن ماجه (١٨٨١)، وابن حبان (٤٠٧٧) من حديث أبي موسى الأَشْعَرِيِّ -رضي الله عنه-: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ».
ورواه ابن حبان (٤٠٧٥)، والبيهقي (٧/ ١٢٥) بلفظه من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٣) في «ع»: وشاهدين.
(٤) رواه الشافعي (ص ٢٢٠)، وابن المنذر في «الأوسط» (٨/ ٢٦٤) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٥) «شرح مختصر الروضة» (٢/ ٦٣٢).
(٦) في «ع»: الطبيعة.

<<  <   >  >>