للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) (وَ) صارَ (فِعْلُ المَرَّةِ) الواحدةِ مِن ضرورةِ الإتيانِ بالمأمورِ به، لا أنَّ الأمرَ يَدُلُّ عليها بذاتِه بل (بِـ) طريقِ (الِالتِزَامِ.

وَ) أمْرٌ (مُعَلَّقٌ:

- بِـ) فعلٍ (مُسْتَحِيلٍ: ليسَ أَمْرًا) نحوُ: صلِّ، إذا كانَ زيدٌ مُتَحَرِّكًا ساكنًا فهو كقولِه: كُنِ الآنَ مُتَحرِّكًا ساكنًا،

- (وَ) لو عُلِّقَ أمرٌ (بِشَرْطٍ، أَوْ صِفَةٍ) فإنْ كانَ علَّةً ثابتةً: تَكَرَّرَ بتَكَرُّرِها اتِّفاقًا؛ لاتِّباعِ العِلَّةِ، لا للأمْرِ، فمعنى هذا التَّكرارِ: أنَّه كُلَّما وُجِدَتِ العلَّةُ وُجِدَ الحُكْمُ، لا أنَّه إذا وُجِدَتِ العلَّةِ يَتكَرَّرُ الفعلُ.

مثالُ ذلك: قولُه تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (١)، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} (٢)، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} (٣)، ونحوُها، فالجنابةُ عِلَّةٌ للطُّهْرِ (٤) والسَّرِقَةُ علَّةٌ للقطعِ، والزِّنا علَّةٌ للجلْدِ، وإنْ كانَ الشَّرطُ أو الصِّفَةُ (لَيْسَا بِعِلَّةٍ) للمأمورِ به بأنْ عُلِّقَ الأمرُ على غيرِ عِلَّةٍ؛ أي: على أمْرٍ لم تَثْبُتْ عِلَّتُه، مثلُ أنْ يَقولَ: إذا دَخَلَ الشَّهرُ فأعتقْ عبدًا مِن عبيدي (لَمْ يَتَكَرَّرِ) الأمرُ (بتَكَرُّرِهِ) ويُمتَثلُ بمَرَّةٍ.

(٤) (وَ) مَن قال: الأمرُ للتَّكرارِ قال: هو (لِلْفَوْرِ) أيضًا، وكذا إنْ كانَ الأمرُ لا يَقتضي التَّكرارَ، فيَقتضي الفورَ أيضًا عندَ أحمدَ والأكثرِ؛ لأنَّا نَقطَعُ بالفَورِ إذا قال: اسْقِني، رُدَّ ذلك لقَرينةِ حاجةِ طالبِ الماءِ سريعًا عادةً، وأيضًا كلُّ مُخبِرٍ أو مُنْشِئٍ، فالظَّاهرُ قَصدُ الزَّمَنِ الحاضرِ، كـ: قامَ زيدٌ، و: أنتِ طالقٌ أو حُرَّةٌ، رُدَّ ذلك بأنَّه قياسٌ في اللُّغةِ، ويَتبَيَّنُ بذلك أنَّ اللَّفظَ


(١) المائدة: ٦.
(٢) المائدة: ٣٨.
(٣) النُّور: ٢.
(٤) في (ع): للتطهر.

<<  <   >  >>