للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَإِلَّا) بأنْ لم يَكُنِ اسْتَقَرَّ الخلافُ في العصرِ الأوَّلِ (فَإِجْمَاعٌ) قطعًا، فإذا وَقَعَ الاتِّفاقُ بعدَ الاختلافِ وكانَ اتِّفاقُ أهلِ عصرٍ بعدَه على أحدِ القولَينِ، وكانَ قبلَ استقرارِ خِلافِ الأوَّلين؛ أي: قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ على ذلك الخلافِ يُعلَمُ بها أنَّ كلَّ قائلٍ مُصمِّمٌ على قولِه لا يَنْثَني عنه، فهذا اتَّفقوا على جوازِه، وذلك كخلافِ الصَّحابةِ لأبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهم في قتالِ مانعي الزَّكاةِ، وإجماعِهم بعدَ ذلك على قتالِهم، وإجماعِ العصرِ الثَّاني عليه أيضًا؛ إذِ الخلافُ لم يَكُنِ استقرَّ.

(وَلَوْ مَاتَ) أربابُ أحدِ القولَينِ (أَوِ ارْتَدَّ أَرْبَابُ أَحَدِ القَوْلَيْنِ: لَمْ يَصِرْ قَوْلُ البَاقِي) منهم (إِجْمَاعًا)؛ لأنَّ حُكْمَ الميِّتِ في حُكمِ الباقي الموجودِ، وهو قولُ الأكثرِ.

تنبيهٌ: لو ماتَ أربابُ أحدِ القولينِ، ورَجَعَ مَن بَقِيَ مِنهم إلى قولِ الآخَرِينَ.

قالَ ابنُ كَجٍّ (١): فيها وجهانِ:

أحدُهما: أنَّه إجماعٌ؛ لأنَّهم أهلُ العصرِ.

والثَّاني: المنعُ؛ لأنَّ الصِّدِّيقَ جَلَدَ في حدِّ الخمرِ أربعينَ (٢)، وقد أَجمَعَ الصَّحابةُ على ثمانينَ في زمنِ عمرَ، فلم يَجعلوا المسألةَ إجماعًا؛ لأنَّ الخلافَ كانَ قد تَقَدَّمَ، وقد ماتَ ممَّن قال بذلك بعضٌ (٣) ورَجَعَ بعضٌ إلى قولِ عمرَ.


(١) ينظر: «الفوائد السَّنية شرح الألفية» (١/ ٤٥٢)، و «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٦٦٠).
(٢) رواه البخاري (٦٧٧٣)، ومسلم (١٧٠٦) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-.
(٣) ليست في (د).

<<  <   >  >>