للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطَّعامِ على المُقتاتِ خاصَّةً، ثمَّ وَرَدَ النَّهيُ عن بيعِ الطَّعامِ بجنسِه مُتَفاضلًا، فإنَّ النَّهيَ يَكُونُ خاصًّا بالمُقتاتِ؛ لأنَّ الحقيقةَ العُرفيَّةَ مُقَدَّمةٌ على اللُّغويَّةِ.

(وَلَا يُخَصُّ عَامٌّ:

(١) بِمَقْصُودِهِ) عندَ الجمهورِ لِما سَبَقَ، وقالَ صاحبُ «المحرَّر»: المُتبادرُ إلى الفهمِ مِن لَمسِ النِّساءِ: ما يُقصَدُ مِنهنَّ غالبًا منَ الشَّهوةِ، ثمَّ لو عَمَّتْ خُصَّتْ به، وخَصَّه حفيدُه أيضًا بالمقصودِ، وكذا قاله في آيةِ المواريثِ (١): مقصودُها بيانُ مقدارِ أنصباءِ المذكورينَ إذا كانوا ورثةً.

وقولُه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (٢) قصدُه الفرقُ بينَه وبينَ الرِّبا، «وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ» (٣) قصدُه ما يَجِبُ فيه العشرُ ونِصفُه، فلا يُحتَجُّ بعمومِ ذلك، قاله ابنُ مُفْلِحٍ (٤).

(٢) (وَلَا) يُخَصُّ عامٌ (بِرُجُوعِ ضَمِيرٍ إِلَى بَعْضِهِ) أي: بعضِ العامِّ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ المَظهرَ عامٌّ، والأصلُ بقاؤُه، فلا يَلْزَمُ مِن تخصيصِ المُضمَرِ تخصيصُه،

مثالُ ذلك: قولُه تَعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٥) ثمَّ قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} (٦)؛ فإنَّ «المطلَّقات» يَعُمُّ البَوَائِنَ والرَّجعيَّاتِ، والضَّميرُ في قولِه تَعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ} عائدٌ إلى الرَّجعيَّاتِ فقطْ؛ لأنَّ البائنَ لا يَملِكُ الزَّوجُ رَدَّها، ولو وَرَدَ بعدَ العامِّ حُكْمٌ لا يَأْتي إلَّا في بعضِ أفرادِه كانَ حُكمُه كحُكْمِ المُضمَرِ.


(١) النساء: ١١ - ١٢.
(٢) البقرة: ٢٧٥.
(٣) رواه البخاري (١٤٨٣) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.
(٤) «أصول الفقه» (٣/ ٩٧٦).
(٥) البقرة: ٢٢٨.
(٦) البقرة: ٢٢٨.

<<  <   >  >>