(وَالمُرَادُ) أي: مرادُ العلماءِ بتعديلِ الصَّحابةِ -رضي الله عنهم-: (مَنْ) جُهِلَ حالُه منهم فـ (لَمْ يُعْرَفْ بِقَدْحٍ) وليسَ المُرادُ بكونِهم عدولًا: العِصمةَ لهم واستحالةَ المعصيةِ عليهم، وإنَّما المُرادُ: ألَّا يُتَكَلَّفَ البحثُ عن عدالتِهم، ولا طَلَبُ التَّزكيةِ فيهم، وأمَّا ما وَقَعَ بينَهم رَضِيَ اللهُ تعالى عنهم، فمَحمولٌ على الاجتهادِ، ولا قَدْحَ على مجتهدٍ عندَ المُصَوِّبةِ وغيرِهم، وهذا مُتَأَوِّلٌ.
ومِن الفوائدِ ما قالَه الحافظُ المِزِّيُّ: أنَّه لم يُوجَدْ قطُّ روايةٌ عمَّن لُمِزَ بالنِّفاقِ مِن الصَّحابةِ -رضي الله عنهم- (١).
ومِن فوائدِ القولِ بعدالتِهم مطلقًا: إذا قِيلَ: عن رجلٍ مِن الصَّحابةِ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: كذا؛ كانَ ذلك كتَصريحِه باسمِه؛ لاستواءِ الكلِّ في العدالةِ.
(وَتَابِعِيٌّ مَعَ صَحَابِيٍّ كَهُوَ) أي: كالصَّحابيِّ (مَعَهُ -صلى الله عليه وسلم- قياسًا على الصَّحابةِ، واشْتَرَطَ جماعةٌ في التَّابعيِّ الصُّحبةَ، فلا يُكتَفَى بمُجرَّدِ الرِّوايةِ ولا اللُّقِيِّ، بخلافِ الصَّحابةِ، فإنَّ لهم مَزِيَّةً على سائرِ النَّاسِ، وشرفًا برُؤيتِه -صلى الله عليه وسلم-.
فالظَّاهرةُ معلومةٌ: فمِنها التَّواتُرُ، ومنها الاستفاضةُ بكونِه صحابيًّا، أو بكونِه مِن المُهاجرينَ، أو مِن الأنصارِ، وقولُ الصَّحابيِّ ثابتِ الصُّحبةِ: هذا
(١) ينظر: «الفوائد السَّنية» (٢/ ٨٧)، و «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٩٩٥).