للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تناقضًا، أو تشبيهًا زيغٌ، وليسَ يَندفِعُ أنْ يَكُونَ فيه ما يَتَشَابَهُ؛ لنُؤمِنَ بمُتشابِهِه ونَقِفَ عندَه، فيَكُونُ التَّكْلِيفُ به هو الإيمانَ به جملةً، وتَرْكَ البحثِ عن تفصيلِه، كما كَتَمَ الرُّوحَ، والسَّاعةَ، والآجالَ، وغيرَ ذلك مِن الغُيُوبِ، وكَلَّفَنا التَّصديقَ به دونَ أنْ يُطْلِعَنا على عِلْمِه، قالَه ابنُ عَقِيلٍ (١).

وهذا مذهبُ سلفِ هذه الأُمَّةِ، واختارَه في «المحصول» (٢) بناءً على تكليفِ ما لا يُطاقُ.

(وَيَمْتَنِعُ دَوَامُ إِجْمَالِ مَا فِيهِ تَكْلِيفٌ) قال البِرْمَاوِيُّ: وحَكَى ابنُ برهانٍ وجهينِ في أنَّ كلامَ اللهِ هل يَشتمِلُ على ما لا يُفهَمُ مَعناه؟ ثمَّ قال: والحقُّ التَّفصيلُ بينَ الخطابِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ به تكليفٌ، فلا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ غيرَ مفهومِ المعنى، أو لا يَتَعَلَّقُ به، فيَجُوزُ (٣).

(وَيُوقَفُ (٤) في الأصحِّ (عَلَى) قولِه تَعالى: ({إِلَّا اللهُ}) و (لَا) يُوقَفُ على ({وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (٥) وهو المُختارُ، واستُدلَّ له بسياقِ الآيةِ مِن ذمِّ مُبتغي التَّأويلِ، وقولِه: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (٥)، ولأنَّ واوَ {وَالرَّاسِخُونَ} للابتداءِ، و {يَقُولُونَ} (٥) خبَرُه؛ لأنَّها لو كانَتْ عاطفةً عادَ ضميرُ {يَقُولُونَ} إلى المجموعِ، ويَستحيلُ على اللهِ تَعالى، وكانَ موضعُ {يَقُولُونَ} نَصْبًا حالًا، ففيه اختصاصُ المعطوفِ بالحالِ.


(١) «الواضح في أصول الفقه» (١/ ١٧٢).
(٢) «المحصول» (١/ ٣٩٤).
(٣) «الفوائد السَّنيَّة في شرحِ الألفيَّةِ» (١/ ٤٠٧).
(٤) في «مختصر التحرير» (ص ٩١): (والوقف).
(٥) آل عمران: ٧.

<<  <   >  >>