للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعَكُمْ

(فَصْلٌ)

و (القَوَادِحُ) ما يَقدَحُ في الدَّليلِ بجُملتِه، سواءٌ العِلَّةُ وغيرُها؛ لأنَّه قد يَطرَأُ على مَن يَثْبُتُ عليه الحُكمُ اعتِراضٌ يَقدَحُ في عِلِّيَّةِ ما ادَّعاه عِلَّةً، وذلك مِن أحدِ وُجوهٍ يُعَبَّرُ عنها بالقوادحِ، ورُبَّما كانَتْ قادحةً لا في خُصوصِ العِلَّةِ، فلذلك تَرجَمَها بعضُهم بالاعتِراضاتِ على القِيَاسِ، وبعضُهم بقوادحِ العِلَّةِ.

و (تَرجِعُ) إمَّا (إِلَى المَنْعِ فِي) مُقدِّمَةٍ مِن (المُقَدِّمَاتِ، أَوْ) معارضةٍ مِن (المُعَارَضَاتِ فِي الحُكْمِ) عندَ المُعظَمِ، فمتى حَصَلَ الجوابُ عنها فقد تَمَّ الدَّليلُ ولم يَبْقَ للمُعتَرِضِ مجالٌ، فيَكُونُ ما سِوى ذلك مِن الأسئلةِ باطلًا فلا يُسمَعُ. وقيل: إنَّها كُلَّها تَرجِعُ إلى المنعِ وَحدَه؛ لأنَّ المُعارضَةَ منعٌ للعلَّةِ عنِ الجريانِ؛ لأنَّ الكلامَ إذا كانَ مُجمَلًا لا يَحصُلُ غرضُ المستدلِّ بتفسيرِه، فالمطالبةُ بتفسيرِه (١) تَستلزِمُ منعَ تحقُّقِ الوصفِ، ومَنْعَ لزومِ الحُكْمِ عنه، وقد ذَكَرَها تَبَعًا لأصلِه، وغيرُه أربعةً وعشرين (٢) قادحًا.

(١) (وَمُقَدَّمُهَا) أي: القوادحِ (الِاسْتِفْسَارُ) أي: هو طَلِيعَةٌ لها كطليعةِ الجيشِ؛ لأنَّه المقدَّمُ على كلِّ اعتِراضٍ، وغايتُه استفهامٌ لا اعتِراضٌ، وهو مِن الفَسْرِ، وهو لغةً: طَلَبُ الكشفِ والإظهارِ، ومنه التَّفسيرُ، وإنَّما كانَ مُقَدَّمَ الاعتِراضاتِ لأنَّه إذا لم يُعرَفْ مدلولُ اللَّفظِ استحالَ تَوجُّهُ المنعِ أو المعارضةِ، وهما مرادُ الاعتِراضاتِ كلِّها.

(وَ) الاستفسارُ (هُوَ طَلَبُ) المُعتَرِضِ (مَعْنَى لَفْظِ المُسْتَدِلِّ) أي: مَعنى اللَّفظِ الَّذِي قاله المُستدلُّ إمَّا (لِإِجْمَالِهِ) أي: إجمالِ اللَّفظِ (أَوْ غَرَابَتِهِ)، وإنَّما


(١) في «د»: بتفسير.
(٢) حاشية في «ع»: لعله: خمسة وعشرين.

<<  <   >  >>