للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ التَّخْصِيصِ)

فالخاصُّ في الابتداءِ أمْرُه ظاهرٌ (١)، وإنَّما النَّظَرُ فيما إذا كانَ عامًّا ثمَّ صارَ خاصًّا بدليلٍ، فهذا تَتَوَقَّفُ مَعرفتُه على بيانِ التَّخصيصِ والمُخصَّصِ بالفتحِ والمُخصِّصِ بالكسرِ.

فأمَّا التَّخصيصُ فرَسْمُه: (قَصْرُ العَامِّ) أي: قَصْرُ الشَّارِعِ العامَّ (عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهِ) والَّذي يَظْهَرُ أنَّه موافقٌ لِما قالَه بعضُهم مِن أنَّه قَصْرُ العامِّ على بعضِ مُسَمَّياتِه؛ فإنَّ مُسَمَّى العامِّ: جميعُ ما يَصْلُحُ له اللَّفظُ لا بعضُه.

وقالَ بعضُهم: على بعضِ أفرادِه، فخَرَجَ تقييدُ المُطلَقِ؛ لأنَّه قَصْرٌ مطلقٌ لا عامٌّ كرَقَبَةٍ مُؤمنةٍ، وكذا الإخراجُ مِن العَددِ كعَشْرةٍ إلَّا ثلاثةً، ونحوِ ذلك.

ودَخَلَ ما عُمومُه باللَّفظِ، وما عمومُه بالمعنى، فالأوَّلُ: كـ {اقتلوا الْمُشْرِكِينَ} (٢) قَصْرٌ بالدَّليلِ على غيرِ الذِّمِّيِّ وغيرِه ممَّن عُصِمَ بأمانٍ، والثَّاني: كقَصْرِ عِلَّةِ الرِّبا في بيعِ الرُّطَبِ بالتَّمْرِ مَثلًا بأنَّه يَنْقُصُ إذا جَفَّ على غيرِ العَرايا، فيَكُونُ مَعنى هذه الحدودِ واحدًا.

إذا عَرَفْتَ ذلك فالمُرادُ مِن قَصرِ العامِّ قَصرُ حُكْمِه، وإنْ كانَ لفظُ العامِّ باقيًا على عمومِه كـ {اقتلوا الْمُشْرِكِينَ} (٣)، لكنْ لفظًا لا حُكمًا، فبذلك يَخرُجُ إطلاقُ العامِّ وإرادةُ الخاصِّ، فإنَّ ذلك قَصْرُ إرادةِ لفظِ العامِّ لا قَصرُ حُكْمِه.

(وَيُطْلَقُ) التَّخصيصُ لغةً (عَلَى: قَصْرِ لَفْظٍ غَيْرِ عَامٍّ) اصطلاحًا (عَلَى


(١) في (د): ظاهرًا.
(٢) التَّوبة: ٥.
(٣) التَّوبة: ٥.

<<  <   >  >>