للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقطْ، كما في سائرِ التَّخصيصاتِ، ولو أُريدَ عشرةٌ كاملةٌ امْتَنَعَ، مِثلُ: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} (١) لأنَّه يَلْزَمُ كَذِبُ أحدِهما، ولم يَقطَعْ بأنَّه إِنَّمَا أَقَرَّ بسبعةٍ، وقد وَقَعَ الاستثناءُ في القُرآنِ الَّذِي لا يَأتيه الباطلُ مِن بينِ يَديْه ولا مِن خلْفِه.

(وَشَرْطُهُ) أي: الاستثناءِ:

(١) (اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ) بالمُستثنى منه:

- إمَّا (لَفْظًا) بأنْ يُذْكَرَ المُستثنى منه (٢) عَقِبَ المُستثنى منه مِن غيرِ فاصلٍ.

- (أَوْ حُكْمًا) كانقطاعِه عنه بتَنَفُّسٍ أو عُطاسٍ، فيُشتَرَطُ أنْ يَأتيَ به عَقِبَ ذلك على الصَّحيحِ (كَبَقِيَّةِ التَّوَابِعِ) لقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» (٣)، ولم يَقُلْ: «أو يَسْتَثْنِ»، ولذلك لمَّا أرشدَ اللهُ تعالى أيُّوبَ -صلى الله عليه وسلم- بقولِه: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} (٤) جَعَلَ طريقَ برِّه ذلك، ولو كانَ الاستثناءُ المُتَراخي يَحصُلُ به البِرُّ لَمَا جَعَلَ اللهُ تعالى الوسيلةَ إلى البِرِّ ذلك.

(٢) (وَ) شَرطُ الاستثناءِ أيضًا (نِيَّتُهُ) بأنْ يَنوِيَ المُستثني الاستثناءَ في الكلامِ (قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ) على الصَّحيحِ، فلو لم تَعرِضْ له نِيَّةُ الاستثناءِ إلَّا بعدَ فراغِ المُستثنَى منه: لم يُعتَدَّ به، ولا يُعتَبَرُ وُجودُها في أوَّلِ الكلامِ، بل يُكتَفَى به قبلَ فراغِه على الصَّحيحِ.


(١) العنكبوت: ١٤.
(٢) ليست في «د».
(٣) رواه مسلم (١٦٥٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) ص: ٤٤.

<<  <   >  >>