للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إذا قَدَّرْنا لوَجَبَ دخولُه] (١) (فَلَا يَصِحُّ) الاستثناءُ:

- (مِنْ نَكِرَةٍ) فلا يُقالُ: «جاءَني رجالٌ إلَّا زيدًا»؛ لاحتمالِ ألَّا يُريدَ المُتكلِّمُ دُخولَه حَتَّى يُخرِجَه، أمَّا إذا أفادَ الاستثناءُ مِن النَّكرةِ كاستثناءِ جزءٍ مِن مُرَكَّبٍ، فيَجوزُ نحوُ: اشتَرَيْتُ العبدَ إلَّا رُبُعَه ودارًا إلَّا سَقْفَها.

- (وَلَا) يَصِحُّ الاستثناءُ (مِنْ غَيْرِ الجِنْسِ) على الصَّحيحِ، كـ: قامَ القومُ إلَّا حمارًا، فلا يَدخُلُ الحمارُ في العُمومِ؛ لسَبْقِ المُتَّصِلِ إلى الفَهْمِ وهو دليلُ الحقيقةِ، ولأنَّ الاستثناءَ صرفُ اللَّفظِ بحَرفِه عمَّا يَقتَضِيه لولاه، أو إخراجٌ لأنَّه مأخوذٌ مِن الثَّنْيِ كما تَقَدَّمَ، ولأنَّ الاستثناءَ إِنَّمَا يَصِحُّ لتَعَلُّقِه بالأوَّلِ لعدمِ استقلالِه، وإلَّا لصَحَّ كلُّ شيءٍ مِن كُلِّ شيءٍ لاشتِراكِهما في مَعنًى عامٍّ، ولأنَّه لو قال: جاءَ النَّاسُ إلَّا الكلابَ وإلَّا الحميرَ، عُدَّ قبيحًا لُغةً وعُرفًا.

وقيلَ: يَصِحُّ الاستثناءُ مِن غيرِ الجنسِ، وجِهةُ وُقوعِه كقولِه تعالى: {إِلَّا رَمْزًا} (٢)، {مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ} (٣)،

ورُدَّ بأنْ «إلَّا» في ذلك بمعنَى «لكنْ» عندَ النُّحاةِ، وهو استدراكٌ، ولهذا لم يَأتِ إلَّا بعدَ نفيٍ أو بعدَ إثباتٍ بعدَه جملةٌ.

(وَالمُرَادُ) مِن مذهبِنا ومذهبِ الأكثرِ (بِـ «عَشْرَةٍ إِلَّا ثَلَاثَةً» سَبْعَةٌ، وَ «إِلَّا») الَّتي هي أداةُ الاستثناءِ في هذا المثالِ (قَرِينَةٌ مُخَصِّصَةٌ) أي: بَيَّنَتْ أنَّ الكلَّ استُعمِلَ وأُريدَ به الجُزءُ مَجازًا، فعلى هذا (٤) الاستثناءُ مُبَيِّنٌ لغَرضِ المُتكلِّمِ به، بالمُستثنى منه، فإذا قال: «له عليَّ عشرةٌ» كانَ ظاهرًا في الجميعِ، ويَحتملُ إرادةَ بعضِها مَجازًا، فإذا قال: «إلَّا ثلاثةً»، فقد بَيَّنَ أنَّ مُرادَه بالعَشرةِ سبعةٌ


(١) ليست في «د».
(٢) آل عمران: ٤١.
(٣) إبراهيم: ٢٢.
(٤) زاد في (د): أن.

<<  <   >  >>