للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانَ المُشتقُّ مِمَّا يُمكِنُ حصولُه بتمامِه وقتَ الإطلاقِ، كالقيامِ والقعودِ ونحوِهما، فيُقالُ: قائمٌ قاعدٌ، أو لا يُمكِنُ كما لو كانَ مِنَ الأعراضِ السَّيَّالةِ، كالكلامِ، والتَّحرُّكِ، ونحوِهما، فيُقالُ: مُتكلِّمٌ مُتحَرِّكٌ مِمَّا لا يَكُونُ ويُوجَدُ دفعةً واحدةً، وإنَّما يَأتي شيئًا فشيئًا.

وحُكِيَ عنِ الأكثرِ: أنَّه حقيقةٌ، لكنْ عَقِبَ الفِعلِ، فلو تَأَخَّرَ كثيرًا لم يَكُنْ حقيقةً.

(وَشَرْطُهُ) أي: المُشتقِّ، سواءٌ كانَ اسمًا أو فعلًا (صِدْقُ أَصْلِهِ) وهو المُشتقُّ منه، فلا يَصْدُقُ ضاربٌ مثلًا على ذاتٍ إلَّا إذا صَدَقَ الضَّربُ على تلك الذَّاتِ، وسواءٌ كانَ الصِّدقُ (١) في الماضي، أو في الحالِ، أو في الاستقبالِ، كقولِه تَعالى في الاستقبالِ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ} (٢)، وذَكَرَ الأُصوليُّون هذه المسألةَ، ليَرُدُّوا على المُعتزلةِ، لإطلاقِهم العالِمَ على اللهِ وإنكارِ حصولِ العِلْمِ له، وقالوا: إنَّ العالِميَّةَ بعِلْمٍ، لكنَّ عِلْمَ اللهِ عينُ ذاتِه، لا أنَّه عالِمٌ بدونِ عِلمٍ، وكذا القولُ في بقيَّةِ الصِّفاتِ.

وأمَّا أهلُ السُّنَّةِ فيُعَلِّلون العالِمَ بوُجودِ علمٍ قديمٍ قائمٍ بذاتِه وكذا في الباقي.

(وَكُلُّ اسْمِ مَعْنًى قَائِمٍ بِمَحَلٍّ: يَجِبُ أَنْ يُشَتَقَّ لِمَحَلِّهِ مِنْهُ) أي: مِن ذلك المعنى (اسْمُ فَاعِلٍ) لا لغيرِه منه، يَعني لا يُشتَقُّ اسمُ فاعلٍ لشيءٍ، والفعلُ قائمٌ بغيرِه، فإذا قامَ العِلْمُ بمَحَلٍّ كانَ هو العالِمَ (٣) لا غيرُه، وكذلك إذا قامَتِ


(١) في (ع): صدقه.
(٢) الزُّمر: ٣٠.
(٣) في (ع): للعالم.

<<  <   >  >>