حَصَلَ له على مَن لم يَحصُلْ له العِلْمُ به؛ لأنَّه يَقُولُ: ما تَدَّعِيه مِنَ التَّواتُرِ غيرُ مُسَلَّمٍ، فلا أَسمَعُه؛ لأنَّه ليسَ بمُتواترٍ عندي.
(وَ) يَمتنِعُ (كِتْمَانُ أَهْلِهِ) أي: أهلِ التَّواتُرِ (مَا) أي: شيئًا (يُحْتَاجُ إِلَى نَقْلِهِ) خلافًا للرَّافضةِ، حَيْثُ قالوا: لا يَمتنِعُ ذلك؛ لاعتقادِهم كتمانَ النَّصِّ على إمامةِ عليٍّ -رضي الله عنه-، واسْتَدَلُّوا بأنَّ النَّصارى وهم أكثرُ أُمَّةٍ تَرَكوا نقلَ كلامِ المسيحِ -عليه السلام- في المهدِ، مع أنَّه مِن أعجبِ حادثٍ حَدَثَ في الأرضِ.
قُلْنا: لأنَّه كانَ قبلَ نُبُوَّتِه، واتِّباعِهم له، وظهورِ أمْرِه، ولم يُعْنَ بذلك أحدٌ، والدَّواعي إِنَّمَا تَتَوَفَّرُ على نقلِ كلامِ النُّبُوَّةِ، وقد نُقِلَ أنَّ حاضري كلامِه لم يَكُونوا كثيرينَ، فاختلَّ شرطُ التَّواتُرِ في الطَّرفِ الأوَّلِ، (كَـ) امتناعِ (كَذِبٍ عَلَى عَدَدِهِمْ عَادَةً) يَعني أنَّ الكذبَ ممنوعٌ على عددِ التَّواتُرِ في العادةِ على الأصحِّ، وإنْ كانَ لا يُحيلُه العقلُ، لا لذاتِه، ولا يَلْزَمُ مِن فرضِ وقوعِه محالٌ، وهذا مأخذُ المسألةِ المُتقدِّمةِ في جوازِ ما يُحتاجُ إلى نَقلِه؛ لأنَّه إذا جازَ الكذبُ، فالكتمانُ أَوْلَى.
(وَلَا يُشْتَرَطُ:
(١) إِسْلَامُهُمْ) أي: إسلامُ أهلِ التَّواتُرِ، واشْتَرَطَ بعضُ العلماءِ: الإسلامَ، والعدالةَ أيضًا، وإلَّا فقدَ أَخْبَرَ النَّصارى مع كَثْرَتِهم بقتلِ عيسى -عليه الصلاة والسلام-، ولم يَصِحَّ ذلك لكفرِهم، وأَخْبَرَ الإماميَّةُ بالنَّصِّ على إمامةِ عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجهَه ولم تُقبَلْ أخبارُهم.
وجوابُه فيهما: أنَّ عددَ التَّواتُرِ فيما ذُكِرَ ليسَ في كلِّ طبقةٍ، فقد قَتَلَ بُخْتُ نَصَّرُ النَّصارى ولم يَبْقَ منهم إلَّا دونَ عددِ التَّواتُرِ.