للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويُكَلَّفُ العاقلُ (بِضَرْبٍ، أَوْ تَهْدِيدٍ) عندَنا وعندَ الأكثرِ، سواءٌ كانَ الإكراهُ (بِحَقٍّ) كما تَقَدَّمَ، (أَوْ غَيْرِهِ) أي: بغيرِ حقٍ، لصِحَّةِ الفعلِ منه، وتَركِه، ونسبةُ الفعلِ إليه حقيقةٌ، ولهذا يَأْثَمُ المُكرَهُ بالقتلِ.

تنبيهٌ: ضابطُ المذهبِ أنَّ الإكراهَ لا يُبِيحُ الأفعالَ، وإنَّما يُبِيحُ الأقوالَ، وإنِ اختلفَ في بعضِ الأفعالِ، واختلفَ التَّرجيحُ.

و (لَا) يُكَلَّفُ:

(١) (مَنِ) انْتَهى الإكراهُ إلى سَلْبِ قُدرتِه واختيارِه، حَتَّى صَارَ (كَآلَةٍ تُحْمَلُ (١).

قال البِرْمَاوِيُّ: المُكْرَهُ كالآلةِ يَمتنعُ تَكليفُه، قِيلَ: باتِّفاقٍ، لكن (٢) الآمِدِيّ أشارَ إلى أنَّ تَطَرُّقَه الخلافُ مِن التَّكْلِيفِ بالمُحالِ، لتَصوُّرِ الابتلاءِ منه، بخلافِ الغافلِ (٣).

(٢) (أَوْ) أي: ولا يُكَلَّفُ مِن (عُذِرَ بِسُكْرٍ) على الصَّحيحِ، فمَن أُكْرِهَ على شربِ مُسكِرٍ فهو غيرُ مُكَلَّفٍ في حالِ سُكْرِه المعذورِ به، فحُكمُه حُكْمُ المُغمى عليه والمجنونِ في تكليفِه وعدمِه.

(٣) (وَ) لا يُكَلَّفُ أيضًا مَن (أَكَلَ بَنْجًا) على الصَّحيحِ، ولو لغيرِ حاجةٍ إذا زالَ العقلُ، ولا يَقَعُ طلاقُ مَن تَنَاوَلَه؛ لأنَّه لا لَذَّةَ فيه، وفَرَّقَ الإمامُ أحمدُ بينَ آكلِه وبينَ شاربِ الخمرِ، فأَلْحَقَه بالمجنونِ.


(١) في «مختصر التحرير» (ص ٨٦): بحملٍ.
(٢) زاد في (ع): قال. وهي مقحمة.
(٣) «الفوائدُ السَّنيَّةُ في شرحِ الألفيَّةِ» (١/ ١٩١).

<<  <   >  >>