للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بَابٌ)

لمَّا كانَ طلبُ الاستدلالِ مِن جملةِ الطُّرُقِ المفيدةِ للأحكامِ، ذَكَرَه بعدَ الفراغِ مِن الأدلَّةِ الأربعةِ وهو الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماعُ والقِيَاسُ، وعَقَدَ هذا البابَ للأدلَّةِ المختلَفِ فيها، وإنَّما عَبَّرَ عنها بالاستدلالِ؛ لأنَّ كلَّ ما ذُكِرَ فيه إِنَّمَا قاله عالمٌ بطريقِ الاستدلالِ والاستنباطِ، وليسَ له دليلٌ قطعيٌّ (١) ولا أجمعوا عليه.

و (الِاسْتِدْلَالُ لُغَةً: طَلَبُ الدَّلِيلِ، وَ) الاستدلالُ (اصْطِلَاحًا) يُطلَقُ على معنًى عامٍّ، وهو ذِكْرُ الدَّليلِ نصًّا كانَ أو إجماعًا أو قياسًا أو غيرَه، ويُطلَقُ على معنًى خاصٍّ وهو المقصودُ (هُنَا).

وتعريفُه بهذا الاصطلاحِ (إِقَامَةُ دَلِيلٍ لَيْسَ بِنَصٍّ، وَلَا إِجْمَاعٍ، وَلَا قِيَاسٍ شَرْعِيٍّ، فَدَخَلَ) في هذا التَّعريفِ أمورٌ:

أحدُها: القِيَاسُ (الِاقْتِرَانِيُّ وَهُوَ) قياسٌ (مُؤَلَّفٌ مِنْ قَضِيَّتَيْنِ مَتَى سَلِمَتَا) مِن معارِضٍ (لَزِمَ عَنْهُمَا لِذَاتِهِمَا قَوْلٌ آخَرُ) أي: قضيَّةٌ أُخرى نتيجةً لهما، كما يُقالُ: هذا حُكمٌ دَلَّ عليه القِيَاسُ وكلُّ ما دَلَّ عليه القِيَاسُ فهو حُكمٌ شرعيٌّ، فهذا حُكمٌ شرعيٌّ، فقِسْ (٢) عليه.

(وَ) الثَّاني: القِيَاسُ (الِاسْتِثْنَائِيُّ) ويَكُونُ في الشَّرطيَّاتِ (وَهُوَ مَا يُذْكَرُ فِيهِ النَّتِيجَةُ أَوْ نَقِيضُهَا) ففي المُتَّصِلاتِ كما يُقالُ: إنْ كانَ هذا إنسانًا فهو حيوانٌ، لكنَّه لَيْسَ بحيوانٍ، يُنْتِجُ: أنَّه لَيْسَ بإنسانٍ، أو أنَّه إنسانٌ، يُنتِجُ: أنَّه


(١) في «ع»: قطع.
(٢) في «د»: وقس.

<<  <   >  >>