للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيوانٌ، فاستثناءُ عينِ الأوَّلِ يُنتِجُ عينَ الثَّاني، واستثناءُ نقيضِ الثَّاني يُنْتِجُ نقيضَ المُقَدَّمِ، وعينُ الثَّاني لا يُنْتِجُ عينَ الأوَّلِ؛ لاحتمالِ كونِه عامًّا، ولا يَلْزَمُ مِن إثباتِ العامِّ إثباتُ الخاصِّ، كما في المثالِ الأوَّلِ، فإنَّ الحيوانَ لا يَستلزِمُ وجودَ الإنسانِ، وكذا نقيضُ الإنسانِ لا يَستلزمُ نقيضَ الحيوانِ لوجودِه في الفرسِ وفي المنفصلاتِ العددُ، إمَّا زوجٌ أو فردٌ، لكنَّه زوجٌ، يُنْتِجُ أنَّه لَيْسَ بفردٍ، أو فردٌ، يُنتِجُ أنَّه لَيْسَ بزوجٍ، مثالُه في الشَّرعيَّاتِ صيدُ الحَرَمِ إمَّا حلالٌ أو حرامٌ، لكنَّه حرامٌ؛ لأنَّه نُهِيَ عنه، فلَيْسَ بحلالٍ.

(وَ) الثَّالثُ: (قِيَاسُ العَكْسِ، وَهُوَ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى نَقِيضِ المَطْلُوبِ، ثُمَّ يَبْطُلُ فَيَصِحُّ المَطْلُوبُ) كقولِه تَعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (١) فإِنَّه استدلَّ على حقيقةِ القرآنِ بإبطالِ نقيضِه، وهو وُجدانُ الاختلافِ فيه.

(وَ) أمَّا إذا اقتصرَ على إحدى المقدِّمَتَينِ اعتمادًا على شهرةِ الأُخرى، (نَحْوُ: وُجِدَ) المقتضى؛ أي: (السَّبَبُ فَثَبَتَ الحُكْمُ)، فإِنَّه يُنتَجُ من مقدِّمةٍ أُخرى مُقَدَّرَةٍ، وهي قولنا: وكلُّ سببٍ إذا وُجِدَ وُجِدَ الحكمُ، فلم تُذكَرْ لظُهُورِها.

(وَ) كقَوْلِنا: إذا (٢) (وُجِدَ المَانِعُ) فانتفى الحكمُ (أَوْ فَاتَ الشَّرْطُ فَانْتَفَى) الحُكْمُ كما في قولِه تَعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٣) فإنَّ حُصولَ النَّتيجةِ منه يَتَوَقَّفُ على مُقدِّمَةٍ أُخرى ظاهرةٍ، وهي: وما فَسَدَتا.


(١) النساء: ٨٢.
(٢) ليس في «د».
(٣) الأنبياء: ٢٢.

<<  <   >  >>