للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(يُعْتَبَرُ) لصِحَّةِ انعقادِ الإجماعِ عندَ الإمامِ أحمدَ وأكثرِ أصحابِه: (انْقِرَاضُ العَصْرِ)، وظاهرُه: لا فرقَ بينَ إجماعِ الصَّحابةِ وغيرِهم على الصَّحيحِ، ولا بينَ الإجماعِ السُّكوتِيِّ وغيرِه، خلافًا للآمِدِيِّ وغيرِه، ولا بينَ القياسِ وغيرِه، خلافًا لإمامِ الحرمينِ، وسواءٌ كانَ فيه مهلةٌ، أو لا مُهلَةَ فيه، مِمَّا لا يُمكِنُ استدراكُه: مِن قتلِ نفسٍ، أو استباحةِ فَرجٍ، خلافًا لبعضِ أصحابِ الشَّافعيِّ، وسواءٌ بَقِيَ منهم عددُ التَّواتُرِ ورَجَعوا، أو أقلُّ، خلافًا للبَاقِلَّانِيِّ وغيرِه، والَّذي عليه الأكثرُ: لا يُشتَرَطُ الانقراضُ.

واستُدِلَّ لأحمدَ ومَن تابَعَه بقولِه تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (١)، ومَنْعُهم مِنَ الرُّجوعِ مُفضٍ (٢) كونَهم شهداءَ على أنفُسِهم.

(وَهُوَ) أي: الانقراضُ: (مَوْتُ مَنِ اعْتُبِرَ فِيهِ) أي: في الإجماعِ، مِن المُجتهدينَ لا غيرِهم على الصَّحيحِ.

(فَيَسُوغُ لَهُمْ) أي: لمُجتهدي العصرِ كلِّهم، (وَلِبَعْضِهِمْ الرُّجُوعُ) عن إجماعِهم (لِدَلِيلٍ) يَقتضيه، (وَلَوْ) كانَ رُجُوعُهم (عَقِبَهُ) أي: عَقِبَ إجماعِهم على الحُكْمِ؛ لأنَّ الإجماعَ لم يَستقرَّ؛ لأنَّه إِنَّمَا يَستقرُّ بعدَ موتِ مَنِ اعتُبِرَ فيه.

تنبيهٌ: المُشتَرطونَ للانقراضِ لا يَمنَعُون كَوْنَ الإجماعِ حُجَّةً قبلَ الانقِراضِ، بل يَقولون: يُحتَجُّ به، لكن لو رَجَعَ راجعٌ: قَدَحَ، أو حَدَثَ مُخالِفٌ: قَدَحَ.


(١) البقرة: ١٤٣.
(٢) في (د): بعض.

<<  <   >  >>