للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكُونُ مِن الإيماءِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّه يَقتضي أنْ تَكُونَ العِلَّةُ والإيماءُ مُتلازمَينِ لا يَنفَكُّ أحدُهما عنِ الآخَرِ (كَـ) قولِه: (حُرِّمَتِ الخَمْرُ) فإنَّ الحُكمَ وهو التَّحريمُ مُصَرَّحٌ به، و (الوَصْفَ) وهو الإسكارُ (مُسْتَنْبَطٌ مِنَ التَّحْرِيمِ) الَّذِي هو الحُكمُ.

ولنا قولٌ آخَرُ: أنَّه مِن الإيماءِ؛ لحصولِ اقتِرانِ الوصفِ بالحُكمِ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ مُنَاسَبَةُ الوَصْفِ المُومَى إِلَيْهِ) عندَ الأكثرِ بناءً على أنَّ العِلَّةَ المُعَرِّفُ؛ لأنَّه لو اشترطَ لم يُفهَمُ التَّعليلُ مِن ترتيبِ الحُكْمِ على وصفٍ غيرِ مناسبٍ، كـ: أَهِنِ العالمَ، وأَكرِمِ الجاهلَ. ولم يُلَمْ عليه. واختارَ الآمِدِيُّ وغيرُه: إنْ فُهِمَ التَّعليلُ مِن المناسبةِ اشْتُرِطَ؛ لأنَّ المناسبةَ فيه مَنشَأٌ للإيماءِ، مثلُ: «لَا يَقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» (١)، وإلَّا فلا؛ لأنَّه بمَعنى الأمارةِ.

(٣) المسلكُ (الثَّالِثُ) مِن الطُّرُقِ الدَّالَّةِ على العِلِّيَّةِ: (السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ،

وَهُوَ) أي: السَّبْرُ والتَّقسيمُ (حَصْرُ الأَوْصَافِ) في الأصلِ المَقيسِ عليه، (وَإِبْطَالُ) بعضِها من (مَا لَا يَصْلُحُ) بدليلٍ (٢) (فَيَتَعَيَّنُ البَاقِي) وهو الَّذِي يَصْلُحُ للعِلِّيَّةِ (عِلَّةً) للحُكْمِ؛ سُمِّيَ بذلك لأنَّ المُناظِرَ يُقَسِّمُ الصِّفاتِ ويَختَبِرُ صلاحيَّةَ كلِّ واحدٍ منها للعِلِّيَّةِ، فيَبطُلُ ما لا يَصلُحُ ويَبقى ما يَصلُحُ، والسَّبْرُ في اللُّغةِ هو الاختبارُ، فالتَّسميةُ بمجموعِ الاسمينِ واضحةٌ، وقد يَقتصِرُ على السَّبْرِ فقطْ، والتَّقسيمُ مُقَدَّمٌ في الوجودِ عليه؛ لأنَّه تَعدادُ الأوصافِ الَّتي يُتَوَهَّمُ صلاحيَّتُها للتَّعليلِ ثمَّ يَسْبُرُها؛ أي: يَختَبِرُها ليَمِيزَ


(١) رواه البخاري (٧١٥٨)، ومسلم (١٧١٧) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ».
(٢) كتب فوقها في «د»: متعلق بإبطال.

<<  <   >  >>