للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّالحَ للتَّعليلِ مِن غيرِه، وإنَّما قُدِّمَ السَّبْرُ عليه؛ لأنَّ المُؤَثِّرَ في علمِ العِلِّيَّةِ هو السَّبْرُ، وأمَّا التَّقسيمُ فإِنَّما هو لاحتياجِ السَّبْرِ إلى شيءٍ يُسْبَرُ، فرُبَّما سُمِّيَ بالتَّقسيمِ الخاصِّ.

(وَيَكْفِي المُنَاظِرَ) في بيانِ الحصرِ إذا مُنِعَ أنْ يَقُولَ: (بَحَثْتُ) عنِ الأوصافِ (فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ) أي: غيرَ ذلك الوصفِ، فيُقبَلُ قولُه؛ لأنَّه ثقةٌ أهلٌ للنَّظرِ، فالحُكمُ بنفيِ ما سِوى هذا مُستنَدٌ إلى الظَّنِّ وعَدمِه (١) لا إلى عدمِ العلمِ بوصفٍ آخَرَ؛ لأنَّ الأوصافَ العقليَّةَ والشَّرعيَّةَ لو كانَتْ لَمَا خَفِيَتْ على الباحثِ عنها.

مثالُه: أنْ يَقُولَ في قياسِ الذُّرةِ على البُرِّ في الرِّبويَّةِ: بَحَثْتُ عن أوصافِ البُرِّ فما وَجَدْتُ ما يَصلُحُ عِلَّةً للرِّبويَّةِ في بادي الرَّأيِ إلَّا الطُّعمَ أو القوتَ أو الكَيْلَ، لكنَّ الطُّعمَ والقُوتَ لا يَصلُحُ لذلك، فيَتَعَيَّنُ الكيلُ، (أَوْ) يَقُولُ: (الأَصْلُ عَدَمُهُ) أي: عَدَمُ (٢) هذا الوصفِ، فإنَّ بذلك يَحصُلُ الظَّنُّ المقصودُ.

(فَإِنْ بَيَّنَ المُعْتَرِضُ) بعدَ إتمامِ المُستدلِّ السَّبْرَ والتَّقسيمَ (وَصْفًا آخَرَ) زائدًا على الأوصافِ الَّذِي ذَكَرَ المُستدلُّ، مِثْلَ أنْ يَقُولَ: هنا وصفٌ آخَرُ، وهو كونُه خبزَ قوتٍ، فله ذلك، و (لَزِمَ) المُستدلَّ (إِبْطَالُهُ) إذْ لا يَثْبُتُ الحصرُ الَّذِي قدِ ادَّعاه بدونِه.

(وَلَا يَلْزَمُ المُعْتَرِضَ بَيَانُ صَلَاحِيَّتِهِ) أي: أنْ (٣) يُبَيِّنَ أنَّ الوصفَ المذكورَ صالحٌ (لِلتَّعْلِيلِ) بل إبطالُ صلاحيَّتِه لذلك وظيفةُ المستدلِّ لا يَتِمُّ دليلُه إلَّا بذلك.


(١) في «ع»: عدمه.
(٢) زاد في «ع»: غير.
(٣) ليس في «ع».

<<  <   >  >>