للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

لَمَّا فَرَغَ منَ الأبحاثِ المخصوصةِ بكلِّ واحدٍ منَ الأَدِلَّةِ الثَّلاثةِ، وهي: الكتابُ، والسُّنَّةُ والإجماعُ، شَرَعَ في الأبحاثِ المُشتَركةِ بينَ الثَّلاثةِ.

واعلَمْ أنَّ الكلامَ في الشَّيْءِ إِنَّمَا يَكُونُ بعدَ ثُبُوتِه، ثمَّ يَتْلُوه ما يَتَوَقَّفُ عليه مِن حَيْثُ دَلالةُ الألفاظِ؛ لأنَّه بعدَ الصِّحَّةِ يَتَوَجَّهُ النَّظرُ إلى ما دلَّ عليه (١) ذلك الثَّابتُ، ثمَّ يَتْلُوه: ما يَتَوَقَّفُ عليه مِن حَيْثُ استمرارُ الحُكمِ وبقاؤُه فلم يُنْسَخْ، ثمَّ يَتلوه: ما يَتَوَقَّفُ عليه الدَّليلُ الرَّابعُ وهو القياسُ مِن بيانِ أركانِه وشروطِه وأحكامِه؛ لأنَّه مُفَرَّعٌ على الثَّلاثةِ الأُوَلِ.

قالَ العَضُدُ: لا شَكَّ أنَّ الطَّريقَ إلى الشَّيْءِ مُقَدَّمٌ عليه طبعًا، فقُدِّمَ عليه وَضعًا (٢).

وقولُه: (يَشْتَرِكُ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ فِي:

(١) سَنَدٍ) إشارةٌ إلى أنَّ المرادَ بالثُّبُوتِ صِحَّةُ وُصولِها إلينا لا ثُبُوتُها في نَفْسِها، وكونُها حقًّا، (وَيُسَمَّى) السَّنَدُ (إِسْنَادًا).

وأصلُ السَّنَدِ في اللُّغةِ: ما يُستنَدُ (٣) إليه، أو: ما ارتفعَ مِن الأرضِ.

(وَ) اصطلاحًا (هُوَ: إِخْبَارٌ عَنْ طَرِيقِ المَتْنِ) قولًا أو فعلًا، تواترًا أو آحادًا، ولو كانَ الإخبارُ بواسطةِ مُخبِرٍ آخَرَ فأكثرَ، عمَّن يُنسَبُ المتنُ إليه، وأَخْذُ المعنى الاصطلاحيِّ مِن الارتفاعِ أكثرُ مُناسَبَةً، فلذلك قال ابنُ


(١) في (ع): على.
(٢) «شرح العضد على مختصر ابن الحاجب» (٢/ ٣٧٦).
(٣) في (د): يسند.

<<  <   >  >>