للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا) يَجُوزُ أيضًا: (عَدَمُ عِلْمِهَا) أيِ: الأُمَّةِ (بِدَلِيلٍ) إذا (اقْتَضَى) ذلك الدَّليلُ (حُكْمًا) على المُكَلَّفِينَ (لَا دَلِيلَ لَهُ) أي: لذلك الحُكْمِ (غَيْرُهُ) أي: غيرُ ذلك الدَّليلِ؛ لأنَّه إنْ عُمِلَ بذلك الحُكْمِ كانَ عملًا به عن (١) غيرِ دليلٍ، بل عن تَشَهٍّ، والعملُ بالحُكْمِ عنِ التَّشَهِّي لا يَجُوزُ، وإنْ لم يُعمَلْ به كانَ تركًا للحُكْمِ المُتَّجِهِ على المُكَلَّفِ، أما إذا كانَ في الواقعةِ دليلٌ، أو خبَرٌ راجحٌ؛ أي: بلا مُعارِضٍ قد عُمِلَ على وَفْقِ ذلك الدَّليلِ، أو الخبَرِ بدليلٍ آخَرَ: جازَ عدمُ عِلْمِ الأُمَّةِ به، وهذا ظاهرُ كلامِ أصحابِنا؛ لأنَّ عَدَمَ العِلمِ ليسَ مِن فِعلِهم، وخطؤُهم مِن أوصافِ عدمِ العِلمِ، فلا يَكُونُ خطأً، فلا إجماعَ منهم، ولأنَّ اشتِراكَ جَميعِهم في عدمِ العِلْمِ بذلك الخبَرِ أو الدَّليلِ الرَّاجحِ لم يُوجِبْ مَحذورًا؛ إذْ ليسَ اشتِراكُ جميعِهم في عدمِ العِلْمِ إجماعًا حَتَّى يَجِبَ مُتابَعَتُهم فيه، بل عدمُ عِلمِهم بذلك الدَّليلِ، أو الخبَرِ كعَدمِ حُكْمِهم في واقعةٍ لم يَحكُموا فيها بشيءٍ، فجازَ لغيرِهم أنْ يَسعى في طلبِ ذلك الدَّليلِ أو الخبَرِ ليَعلَمَ.


(١) في (د): من.

<<  <   >  >>