للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(العِلَّةُ) مِن أركانِ القِيَاسِ كما تَقَدَّمَ، وتَقَدَّمَتْ أحكامُها في خطابِ الوضعِ.

وأمَّا تعريفُها: فهي وصفٌ ظاهرٌ مُنضبِطٌ مُعَرِّفٌ للحُكْمِ، فخَرَجَ بقيدِ الظُّهورِ: الخفيُّ؛ كالبَخرِ في الأسدِ، وبالانضباطِ -والمرادُ به تمييزُ الشَّيءِ عن غيرِه: ما هو منتشرٌ لا ضابطَ له؛ كالمَشَقَّةِ، فلذلك لا يُعَلَّلُ إلَّا بوصفٍ مُنضبِطٍ يَشتمِلُ عليها، وبقولِنا: «مُعرِّفٌ للحُكمِ» ما يُعرِّفُ نقيضَه، وهو المانعُ، أو ما يَتَوَقَّفُ عليه المُعرَّفُ وهو الشَّرطُ، فتقييدُ الوصفِ الظَّاهرِ المُنضبطِ بكونِه مُعَرِّفًا، فقد اختلفَ العلماءُ فيه:

فأصحابُنا والأكثرُ أنَّ العِلَّةَ (مُجَرَّدُ أَمَارَةٍ وَعَلَامَةٍ نَصَبَهَا الشَّارِعُ دَلِيلًا) ليستدلَّ بها المُجتهدُ (عَلَى) وجدانِ (الحُكْمِ) إذا لم يَكُنْ عارفًا به.

لا مُؤَثِّرةٍ؛ لأنَّ الحُكمَ قديمٌ فلا مُؤثِّرَ له، فإنْ أُريدَ تَعَلُّقُ الحُكمِ بالمُكَلَّفِ فهو بإرادةِ اللهِ تَعَالَى لا بتأثيرِ شيءٍ مِن العالَمِ.

ويَجُوزُ أن يَتَخَلَّفَ ذلك الدَّليلُ، كالغيمِ الرَّطبِ أمارةٌ على المَطرِ، وقد يَتَخَلَّفُ، وهذا لا يُخرِجُ الأمارةَ عن كَوْنِها أمارةً.

(زِيدَ) أي: وزادَ ابنُ عَقِيلٍ (١) وغيرُه في الحدِّ (معَ أَنَّها) أي: العِلَّةَ (مُوجِبَةٌ لِمَصَالِحَ) و (دَافِعَةٌ لِمَفَاسِدَ) ليسَتْ مِن جنسِ الأمارةِ السَّاذَجةِ.


(١) «الواضح في أصول الفقه» (٥/ ٤٩٥).

<<  <   >  >>