للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

يَجُوزُ عندَ الأكثرِ (لِعَارِفٍ) بما يُحِيلُ المَعنى (نَقْلُ الحَدِيثِ بِالمَعْنَى) وظاهرُه سواءٌ نَسِيَ اللَّفظَ أم لا، وسواءٌ نَقَلَه الصَّحابيُّ أو غيرُه، وسواءٌ كانَ ذلك في الأحاديثِ الطِّوالِ أو القِصارِ، وسواءٌ كانَ مُوجَبُها عِلْمًا أو عَمَلًا، وسواءٌ كانَ بلفظٍ مرادفٍ أو غيرِ مرادفٍ، وسواءٌ كانَ أظهرَ منه مَعنًى أو أخفى، وقد رَوَى ابنُ مَنده في «معرفة الصَّحابةِ» مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ سليمانَ بنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ قال: قلت: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الحَدِيثَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْوِيَهُ كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ، يَزِيدُ حَرْفًا أَوْ يَنْقُصُ حَرْفًا، قال: «إِذَا لَمْ تُحِلُّوا حَرَامًا، ولا تُحَرِّمُوا حَلَالًا، وَأَصَبْتُمُ المَعْنَى، فَلَا بَأْسَ». فذُكِرَ ذلك للحَسَنِ فقال: لولا هذا ما حَدَّثْنا (١).

ولأحمدَ بإسنادٍ حسنٍ عن وَاثِلَةَ: إذا حَدَّثْنَاكم بالحديثِ على مَعناه فحَسْبُكم (٢).

ولم يَزَلِ الحُفَّاظُ يُحَدِّثون بالمعنى، وكذلك الصَّحابةُ.

وكانَ أنسٌ إذا حَدَّثَ عنه -عليه السلام- قال: أو كما قالَ (٣). إسنادُه صحيحٌ.

وكذلك نُقِلَتْ وقائعُ مُتَّحِدةٌ بألفاظٍ مختلفةٍ، ولأنَّه يَجُوزُ تفسيرُه بعجميَّةٍ إجماعًا، فبِعربيَّةٍ أَوْلى، ولحصولِ المقصودِ وهو المعنى، ولهذا لا تَجِبُ


(١) «معرفةُ الصَّحابةِ» (٤٢١١). قَالَ السَّخاويُّ في «فتحُ المغيثِ» (٢/ ٢٤٧): وهو حديثٌ مُضطرِبٌ لا يَصِحُّ.
(٢) «العلل ومعرفة الرجال» (١/ ١٥٧).
(٣) رواه ابن ماجه (٢٤).

<<  <   >  >>