للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيهٌ: قُلْتُ: يُفهَمُ منه أنَّ الفعلَ إذا كانَ لازمًا كقولِه: واللهِ! لا أقولُ، أنَّه يَحنَثُ بكلِّ قولٍ ولا يُقبَلُ تخصيصُه.

(فَلَوْ نَوَى) بقولِه: «لا آكلُ» مأكولًا (مُعَيَّنًا: قُبِلَ) منه تخصيصُه ولم يَحنَثْ بغيرِه (بَاطِنًا (١) عندَ أصحابِنا وغيرِهم؛ لصِحَّةِ الاستثناءِ فيه، فكذا تخصيصُه، وهل يُقبَلُ حُكمًا أم لا؟ فيه عن أحمدَ روايتانِ.

(فَلَوْ (٢) زَادَ) ذِكْرُ المفعولِ به، كـ: لا أَكَلْتُ (لَحْمًا) أو تمرًا مَثلًا (وَنَوَى) لحمًا أو تمرًا (مُعَيَّنًا: قُبِلَ) منه تعيينُه (مُطْلَقًا) أي: باطنًا وظاهرًا مِن غيرِ خلافٍ عندَ بعضِهم.

فائدةٌ: هذه المسألةُ مسألةُ تخصيصِ العُمومِ بالنِّيَّةِ ولا يَختَصُّ جوازُ التَّخصيصِ بالنِّيَّةِ بالعامِّ، بل يَجري في تقييدِ المُطلَقِ بالنِّيَّةِ، ولذلك اعتُرِضَ على الحنفيَّةِ في: «لا أَكَلْتُ» أنَّه لا عمومَ فيه (٣) بل مطلقٌ، والتَّخصيصُ فرعُ العُمومِ بأنْ يَصِيرَ بالنِّيَّةِ تقييدًا للمُطلقِ، فلم يَمنَعُوه.

(وَالعَامُّ فِي شَيْءٍ: عَامٌّ فِي مُتَعَلَّقَاتِهِ) وتَقَدَّمَ أنَّ عمومَ الأشخاصِ يستلزمُ عمومَ المُتعلَّقاتِ، وكلامُ الإمامِ أحمدَ في قولِه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (٤) ظاهرُها على العُمومِ: أنَّ مَن وَقَعَ عليه اسمُ ولدٍ؛ فله ما فَرَضَ اللهُ، فكانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هو المُعبِّرُ عنِ الكتابِ أنَّ الآيةَ إِنَّمَا قَصَدَتْ للمسلمِ لا للكافرِ.


(١) زاد في «مختصر التحرير» (ص ١٥١): ويعم الزمان والمكان.
(٢) ليست في «د».
(٣) ليست في «د».
(٤) النِّساء: ١١.

<<  <   >  >>