للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيثُ تَضَمَّنَتْ «أمَّا» مَعنى الابتداءِ والشَّرطِ، لَزِمَتْها الفاءُ، ولصوقُ الاسمِ إقامةَ اللَّازمِ مَقامَ المَلزومِ، وإبقاءً لأثرِه في الجملةِ، فلأجلِ ذلك قَالَ:

(فَهَذَا) قَالَ القاضي علاءُ الدِّينِ في «شرحِ الأصلِ»: إشارةٌ مِنَّا إلى ما تَصَوَّرْناه في الذِّهنِ، وأَقَمْناه مُقامَ المكتوبِ المقروءِ والموجودِ بالعِيانِ (١).

(مُخْتَصَرٌ) أي: قليلٌ لفظُه كثيرٌ مَعانيه، والاختصارُ: إيجازُ اللَّفظِ مَعَ استيفاءِ المعنى.

وَقِيلَ: ردُّ الكلامِ الكثيرِ إلى قليلٍ فيه مَعنى الكثيرِ.

والاختصارُ في الكلامِ محمودٌ لقولِه -عليه الصلاة والسلام-: «أُوتِيتُ جَوَامِعَ الكَلِمِ، وَاخْتُصِرَ لِي الكَلَامُ اخْتِصَارًا» (٢).

وقالَ عليٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه (٣): «خَيْرُ الكَلَامِ مَا قَلَّ وَدَلَّ وَلَمْ يَطُلْ فَيُمِلَّ» (٤).


(١) «التحبير شرح التحرير في أصولِ الفقهِ» (١/ ٢٣).
(٢) رواه أبو يعلى كما في «المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي» للهيثمي (٥٩) من حديث عمر -رضي الله عنه-، وضعَّفه ابن حجر في «فتح الباري» (١٣/ ٥٢٥).
ورواه البخاري (٢٩٧٧)، ومسلم (٥٢٣) مختصرًا، ضمن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ».
(٣) كرم الله وجهه ووجه الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
قال ابن كثير في «تفسيره» (٦/ ٤٧٨): وقد غلب هذا في عبارة كثير من النُّساخ للكتب، أن يفرد علي -رضي الله عنه-، بأن يقال: «-عليه السلام-»، من دون سائر الصحابة، أو: «كرم الله وجهه» وهذا وإن كان معناه صحيحًا، لكن ينبغي أن يساوى بين الصحابة في ذلك. اهـ
قال الشنشوري: وقد قيل في سبب ذلك أشياء، ذكر بعضها العلامة عطية صقر -رحمه الله- وردَّها فقال في «فتاوى الأزهر» (١٠/ ١٠١): لا يوجد سند صحيح لما يقال.
وكذا العلامة بكر أبو زيد -رحمه الله- في «معجم المناهي اللفظية» (ص ٤٤٠) فقال: أما وقد اتخذته الرافضة أعداء علي -رضي الله عنه- والعترة الطاهرة= فلا؛ منعًا لمجاراة أهل البدع. والله أعلم. ولهم في ذلك تعليلات لا يصح منها شيء.
(٤) لم أقف عليه.

<<  <   >  >>