أمَّا أُصولُ الدِّينِ: فلأنَّ المُحقِّقينَ إذا حَقَّقوا وجوبَ إسنادِ جميعِ المُمكِناتِ إلى اللهِ تَعالى خَلقًا وتدبيرًا: لَزِمَهم التَّكلُّفُ بما لا يُطاقُ.
وأمَّا أصولُ الفقهِ: فلأنَّ البحثَ في الحُكمِ الشَّرعيِّ يَتَعَلَّقُ بالنَّظرِ في الحاكمِ وهو اللهُ تَعالى، والنَّظرِ في المحكومِ عليه وهو العبدُ، والنَّظرِ في المحكومِ به وهو الفعلُ والتَّركُ، وشرطُه: أنْ يَكُونَ فعلًا ممكنًا، ويَستدعي ذلك: أنَّ الفعلَ الغيرَ مقدورٍ عليه هل يَصِحُّ التَّكْلِيفُ به أم لا؟
ويُسَمَّى أيضًا التَّكْلِيفَ بالمُحالِ، وهو أقسامٌ:
أحدُها: أن يَكُونَ مُمتنِعًا لذاتِه، كجمعِ الضِّدَينِ ونحوِه مِمَّا يَمتنِعُ تَصوُّرُه، فإنَّه لا يَتَعَلَّقُ به قدرةٌ مطلقًا.
الثَّاني: ما يَكُونُ مَقدورًا للهِ تَعالى فقطْ، كخلقِ الأجسامِ.
الثَّالثُ: ما لم تَجرِ عادةٌ بخلْقِ القُدرةِ على مِثلِه للعبدِ مع جوازِه، كالمشيِ على الماءِ.
الرَّابعُ: ما لا قُدرةَ للعبدِ عليه بحالِ توجُّهِ الأمرِ، وله قُدرةٌ عليه عندَ الامتثالِ، كبعضِ الحركاتِ.
الخامسُ: ما في امتثالِه مَشَقَّةٌ عظيمةٌ، كالتَّوبةِ بقتلِ النَّفسِ. انتهى مُلَخَّصًا.
ثمَّ ما لا يُطاقُ قد يَكُونُ:
- عاديًّا فقطْ: كالطَّيرانِ.
- أو عقليًّا فقطْ: كإيمانِ الكافرِ الَّذِي عَلِمَ اللهُ أنَّه لا يُؤمِنُ.