للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَسَبِ ما يُرادُ بذلك الخطابِ؛ لأنَّ الفهمَ شرطٌ للتَّكليفِ، فأمَّا مَن لا يُرادُ إفهامُه ذلك، فلا يَجِبُ البيانُ له بالاتِّفاقِ.

(وَيَحْصُلُ) البيانُ:

(١) (بِقَوْلٍ) بلا نزاعٍ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم- فيما رَوَاه البخاريُّ (١) وغيرُه مرفوعًا: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ، أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ»، وهو مُبَيِّنٌ لقولِه تَعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٢).

(٢) (وَ) يَحصُلُ البيانُ أيضًا بـ (فِعْلِ) النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- على الصَّحيحِ، ودليلُه أنَّه -صلى الله عليه وسلم- بيَّنَ الصَّلَاةَ بالفعلِ، وقالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» رَوَاه البخاريُّ (٣) من حديثِ مالكِ بنِ الحُوَيْرِثِ.

لا يُقالُ: إنَّ الَّذِي وَقَعَ به البيانُ قولٌ، وهو قولُه: «صَلُّوا»؛ لأنَّا نَقولُ: إِنَّمَا دَلَّ القولُ على أنَّ فِعلَه بيانٌ، لا أنَّ نفسَ القولِ وَقَعَ بيانًا، وأيضًا فالفعلُ مُشاهَدٌ، والمشاهَدةُ أَدَلُّ مِن القولِ بالبيانِ.

(وَلَوْ) كانَ الفعلُ: (كِتَابَةً) كالكُتُبِ الَّتي كُتِبَتْ وبُيِّنَ (٤) فيها الزَّكواتُ وأُرسِلَتْ معَ عُمَّالِه -صلى الله عليه وسلم-، (أَوْ) كانَ الفعلُ (إِشَارَةً) كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» (٥) وأشارَ بأصابعِه العشرةِ وقَبَضَ الإبهامَ في الثَّالثةِ، يَعني تسعةً وعشرينَ.


(١) رواه البخاري (١٤٨٣) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) الأنعام: ١٤١.
(٣) رواه البخاري (٦٣١).
(٤) في «د»: وبينت.
(٥) رواه البخاري (١٩٠٨)، ومسلم (١٠٨٠) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>